من منظور علم الاجتماع أن الثورة, أي ثورة تعبر عن مدى القهر الذي لحق بالمجتمع, فأي ثورة نتيجة تراكمات, كما أن للبطالة دوراً كبيراً في التحشيد والتجميع, ومن منظور الدكتور سيجموند فرويد أن الثورة تعبر عن الكبت الجنسي, فالكبت الجنسي يؤدي إلى الجنون والثورة فن من الجنون لأن الجنون فنون. والدليل على أن الثورة فن جنوني، هو مايقوم به المجانين الثوار بحسب فرويد من تحطيم للممتلكات العامة وتخريب لأرصفة الشوارع وليس آخر إقامة محاكم ثورية لإعدام الذين لم يتظاهروا كما حدث في تشيلي ثم في روسيا أعقاب الثورة البلشفية سنة 1917م، فلقد قام الثوار بمحاكمة الذين لم ينتصروا للثورة ولم يهتفوا ولم يقتحموا قصور القياصرة وينهبوها ويحرقوها بعد كل ذلك, اكتفى بعض الثوار في الوطن العربي بنهب قصور الذين ثار عليهم الشعب لظلمهم وتجهيلهم للأمة، على اعتبار أن الجهل أفضل وسيلة لاستمرار حكم الكهنوت، وعندما قرع بعض الثوار باب الشاعر الشهيد محمد محمود الزبيري «بشروه» بأنه هو الآخر قد قسم حظه، فلما التفت إلى شاحنة فيها فرش وأثاث منهوبة من بيوت الحكام، صرخ في وجوههم: ليس من أجل هذا ثرنا. قال صديق كان على الرئيس أن يفتح بنكاً اسمه بنك الأسرة يخصص جزءاً منه لتزويج الشباب، فلو أن الزواج كان ميسوراً لما ذهب كثير من الشباب إلى الميادين, ولظلوا يبحثون عن الغاز أو الحطب، وكانت كثر من اخواتنا الفضليات المحترمات ظللن يرعين أطفالهن.. قلت هذه وجهة نظر محترمة جديرة بالانتباه والتقدير، أما أنا فإني اقترح أن يخصص وقت لمثقفين مستقلين لتثقيف الشباب بأمور دينهم ودنياهم, فلم أعد أثق بالحزبية والمتحزبين، لأنهم يدعون العصمة ويحتكرون الحقيقة ويكذبون ويسبون ويشتمون ويكيلون التهم الخطيرة لمن خالفهم الرأي، بل إن الحزبية صارت عندهم ديناً وعقيدة، مع أنها وجهة أو وجهات نظر.. الثورة ضرورة في كل حين بشرط أن تنطلق من نوايا تريد الإصلاح والتغيير إلى الأفضل, أما إذا صدرت عن عقد مرحلية مرضية فإنها تفتح المستقبل على الظلام.