اعتقدنا جازمين وقد كان أضغاث أحلام بعد اتفاقية جدة بأننا قاب قوسين أو أدنى من عضوية مجلس التعاون الخليجي, لم يبقَ سوى رتوش وبعض مساحيق التجميل الإقليمي والتزام اليمنيين بوضع العقال فوق العمامة امتثالاً لشعار المنطقة. إن كرمنا الحاتمي غير المسبوق لم يكتفِ بنحر الناقة في عقر دار الضيف, بل وصل إلى نحر الأرض والتاريخ والجغرافيا وحق الأجيال اليمنية في الماضي والحاضر والمستقبل. قوبل ذلك الكرم باستفحال وتعاظم المضايقات للمغتربين اليمنيين والتكريس الدائم لنظام الكفيل, الذي أصبح اليمنيون بموجبه أرقاء للكفلاء, يشاطرونهم عرقهم، يستغلون حاجتهم للعمل وضيق الحال تحت شعار (لا ضرر ولا ضرار). حالة الكرم والإخاء في حدودنا الشرقية مع الشقيقة عمان جعلتهم ينظرون لليمنيين شزراً, وصل إلى حد إغلاق منافذهم وأسواقهم أمام العمالة والكفاءات اليمنية, مستغنين عنهم بالآسيويين والإيرانيين، كسباً للود وتعبيراً عن حسن الأدب وصدق الولاء. أصبحت اليمن سوقاً رائجة ومفتوحة لمنتجات دول الخليج على رداءتها وعدم التزامها بمعايير الجودة كحد أدنى للتبادل التجاري القائم من طرف واحد, حرصت دول الخليج على الاستئثار بالسوق اليمنية, في الوقت نفسه ذهبت لاستقدام العمالة الآسيوية لتلك المصانع مع علمهم أن الشباب اليمني المؤهل أكثر كفاءة ومهارة وأمانة، عيب تلك الكفاءات أنها يمنية أو أن اليمنيين حظهم في الاستهلاك ليس إلا. للأسف فقد كانت السلطة والمعارضة شركاء في ضياع حقوق وكرامة الأجيال اليمنية, عليهم جميعاً تقع مسئولية التفريط والبهذلة التي يقاسيها اليمنيون في دول مجلس التعاون الخليجي. الضرر وقع على اليمنيين ولايزال يمارس القهر والإذلال والتعالي والتنكر والتعامي والذاتية المفرطة ضد الإنسان اليمني، الذي برهن تاريخياً وحضارياً وإنسانياً أنه مخمور إلى حد فقدانه الوعي والتركيز والتفكير بمفاهيم وقيم وسلوكيات أخوة الدين واللغة والجغرافيا, العشق الأخوي من طرف واحد, صرخات قوية تتعالى ألا مكان لنا بينهم نحن الذين فرطنا بحقنا بلا ثمن, لم نحافظ على بلدنا وإمكاناتنا ومواردنا. من حق مجلس الأمراء والملوك والأسر الحاكمة أن يضم إلى ناديه من يشاء؛ لأن اليمن لا تَشابه بينها وبينهم، أكدنا ذلك بثورة يمنية في الشمال والجنوب, لا مكان للجمهوريات العربية في نادي الخليج ولا فرصة لهم فيه, عليهم أن يقتنعوا بذلك.. يبدو أن الأسر الحاكمة في الخليج سعت من وقت مبكر على غفلة من الشعوب المخدرة بنشوة الجمهوريات إلى وضع الخطط والمشاريع الاستنزافية لتلك الجمهوريات وإرهاقها وإفسادها وإفراغها من مقوماتها الدستورية والقانونية والاقتصادية، حتى تصل إلى درجة الفشل وفقدان الجماهير العربية الثقة بها. أنا لا أشك بأن يكون للخليج دور في إفساد الحالة اليمنية ودعم جيش جرار من المرتزقة والفاسدين وأياديهم الخفية في إشاعة الفساد والنهب وتخريب وإفساد وإفشال المؤسسات والمرافق والوزارات بشكل منظم بقصد إفشال الدولة وتحقيق الانهيار المطلوب, إجهاض حلم اليمنيين وإفساد حياتهم أمر دبرته دول وأجهزة لاستنزاف الإمكانات وإفساد الإدارة وتجويع اليمنيين حتى لا يحلموا بالحرية والانعتاق. [email protected]