فاتورة باهظة الثمن تلك التي تدفعها جارتنا لطيفة مما يحدث على الساحة السياسية، فقد أصبحت مابين ليلة وضحاها مشطورة نصفين مشتتة بين شارعي الستين والسبعين أحد أبنائها معتصم بساحة الجامعة منذ ثلاثة أشهر وأكثر والآخر يؤدي صلاة كل جمعة بميدان السعبين ومرابط ب«التحرير» على مدى 24ساعة فأختلطت الأوراق على جارتنا لطيفة لدرجة أنها لم تعد تميز من منهما على حق، ومن على الباطل أصبح الليل والنهار لديها سواء احتارت معهما كيف تعيد توحيد الرؤى بين فكرين مختلفين فرقت بينهما اللعبة القذرة وباتت تذرف دموعها الحرى طوال يومها لأن الأرض أقفرت نتيجة الأفكار المتصلبة بعبثية وعناد من كليهما.. فضاع صوتها بين بقية الشوارع والأرقام التي تحملها كالثلاثين، والأربعين والخمسين.. الخ تلك الأرقام والحواجز المفتعلة بين الأخوة والأشقاء. إذاً.. نحن إزاء نموذجين ورؤيتين مختلفتين ضحيتهما جارتنا لطيفة والكثير أمثالها فلمصلحة من قطع الطريق؟!! ولمصلحة من شل حركة الحياة في الشارع على المواطنين؟. ولمصلحة من إقلاق الآمنين في بيوتهم وترويعهم؟.. ولمصلحة من وقف إمدادات الحياة الضرورية كالمحروقات ومشتقاتها؟. بالتأكيد أن ضحية ذلك هم البسطاء من القوم، أما عليه القوم فإنه لا يطالهم ذلك، لأنهم في منأى عن كل مايحدث.. فأسطوانة الغاز ستصلهم بانتظام وسيقودون سياراتهم الفارهة يومياً ولم يشعروا بأزمة الديزل وأخواتها وعند انفجار الوضع لا سمح الله سيستقلون أول طائرة وعلى بلد المحبوب وديني والمحرقة للبسطاء والفقراء الذين سيحترقون بها ويذهبون في ستين داهية وسبعين جحيم وإلى الجحيم الأبدي لكل دافعي ثمن جنون الساسة أرواح البسطاء والمغلوبين على أمرهم!! هنا استوقفتني جارتنا لطيفة. أن أوصل رسالتها إلى كل من يعنيهم الأمر قائلة:«لا أقول لكم: كما قال التونسي أحمد الحفناوي ذلك القهوجي البسيط صاحب المقهى المتواضع الذي أصبح صاحب أشهر عبارة في تاريخ ثورة الياسمين هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية كما لا أقول لكم بلهجتنا المحلية شيبنا ولا طفشنا لأننا مازلنا نقاوم حتى وإن تسببتم بقطع “قوت أطفالنا” لأننا استبدلنا أسطوانة الغاز بالحطب والسيارة بالحمار وهذا ماتريدونه!!» فصراعكم على الكرسي أنساكم من هم أهم من الكرسي من هم سبب وجوده من عدمه هم أبناء هذا الشعب من أقصاه إلى أقصاه.. فنسيتم أو تناسيتم أنهم عندما يطفح الكيل سيثأرون لحقوقهم منكم جميعاً.. واختتمت جارتنا لطيفة فأياكم والاستخفاف بهم ويجب أن تعملوا لهم ألف حساب.. لأن الوضع مايزال تحت السيطرة ساعتها لا ينفع الندم بعد أن يخرج الوضع عن سيطرتكم ويغرق المركب بمن فيه ولن يستثني أحداً.