إن ظاهرة العنف والإرهاب والتعصب الديني والطائفي والمذهبي منبعها الأساسي من خلفية فكرية وثقافية قديمة وإشكالية وهي الانغلاق الثقافي لأنها تشكل مرتعاً خصباً لإشكاليات اجتماعية خطيرة وثقافات متخلفة يأتي على رأسها التعصب والمذهبية والطائفية والعرقية. فالعودة إلى قراءة متأنية للتاريخ العربي والإسلامي تعرفنا بجلاء أن المسلمين الأوائل حينما انطلقوا في الآفاق ينشرون الإسلام ولغتهم العربية نجحوا لأنهم انطلقوا من أرضية الانفتاح الثقافي وتقبلوا الثقافات الأخرى بالرغم من التباين العظيم بين ثقافة الصحراء البدوية وثقافة الحضارات الراسخة ذات التمدن والحضارة والتاريخ فإننا نحتاج في وقتنا الراهن إلى ضرورة إعادة هيكلة العقل العربي وخصوصاً جانب الرؤية والفطرة تجاه الذات والآخر وهذا التغيير الجذري يلزمه في الحقيقة مرتع خصب وتوفير الانفتاح الثقافي والفكري كخلفية لأوعية تعطي الجميع فهماً نحو الآخر وتدحض الرؤى المتخلفة مثل أفضلية الأنا والإقصاء والاغتيال والإرهاب ومن ضمن منظومة هذه الهيكلة الدور الإعلامي الإيجابي المرن للفضائيات العربية كاتجاه تصويبي لواقعنا الإعلامي المعاصر وتطوير بنية العقل العربي باتجاه وقف مسلسل الهيمنة الذهنية والغزو الثقافي الأجنبي. إن الانفتاح الثقافي يوفر خصائص ثقافية وفكرية وأيدلوجية وسياسية مثل ثقافة التسامح والوفاق الوطني والوئام وهذه مزايا توفر العطاء والإبداع والتكافل والوحدة وتعطي الانفتاح الثقافي للمجتمع فرصة سانحة وذهبية لغرس مفاهيم جديدة كالوطنية والحرية والديمقراطية والتعددية والوحدة التي تمثل إرادة جماعية وتوجهاً صائباً للجماهير الشعبية نحو البناء والارتقاء بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ذلك إن اتساع دائرة الانفتاح الثقافي المنظم تعني في المقام الأخير النواة الأولى للانطلاقة الفعلية نحو آفاق التقدم والازدهار والسلام. ويأتي في هذه التناولة مانشير إليه على صعيد التربية والتعليم ومدارس التعليم الأساسي والثانوي والجامعات هذه المدارس تضم ارتالاً كبيرة من شبابنا وطلابنا وطالباتنا والذين هم بحاجة ماسة وضرورية إلى عمل سياسي وثقافي لامتلاك ناصية التفاعل الحي مع كافة المشاريع الجديدة الاقتصادية والتنموية والثقافية وبالتالي فهم بحاجة ماسة إلى عمل سياسي وأيديولوجي لربط هذه الطليعة المثقفة بمسيرة الخطة الاقتصادية والتصدي للحملات المعادية لتوجهنا السياسي والفكري والوحدوي لهذا كانت الإذاعات المدرسية في المدارس نواة فكرية فاعلة لربط هذه الطليعة بمسارات التنمية وهذا وحده لايكفي فلابد من برنامج أسبوعي تحت إشراف التربية والتعليم في شكل محاضرات أسبوعية للطلاب والطالبات من ذوي القدرة الفكرية وهذا في تقديري ما يؤمن ولو بعد حين. إضافة إلى منظومة العمل الصحفي والمدارس عبر المجلات أو الصحف الدورية الأسبوعية والشهرية لتنمي القدرات الفكرية والثقافية ولعمل ماتقوم به الإذاعة المركزية في صنعاء من البث المركزي اليومي للإذاعة المدرسية إسهام فعال في تربية الأجيال والشباب على حب الوطن والانتماء.