تداعى الاثنان وامتدت الخلافات بينهما.. صياح، فعراك من تراشق وتضارب تارة يرتفع، وتارة أخرى يخبو ومن كر إلى فر إلى هدوء وهدنة إلى إعلان حرب!! أما المرأة العجوز في الركن الأخير من الطريق القريب لهما لم يعجبها حالهما وما يسببانه من إقلاق للسكينة، محاولة إسكاتهما وثنيهما عن الصياح والعراك ولكن دون فائدة فقد خيم المساء وأظلمت المنطقة والعراك مشتعل. لم تكن عادة المنطقة كذلك لكن هؤلاء دخلاء جاؤوا فتكاثروا واستوطنوا ولا أحد منعهم بل أن تكاثرهم وعراكاتهم الدائمة نفرت الآخرين.. أما الناس فهم لقلة حيلتهم ولعجزهم صامتون متعايشون مع هؤلاء الدخلاء ومطيبعون الأمر معهم. فجأة مرت امرأة أخرى وإذا بالمرأة العجوز وبعد أن حاولت فض العراك بينهما تلتفت لجارتها والاثنتان في دهشة من ذلك المشهد الغريب والدخيل على المجتمع الإنساني فهؤلاء الدخلاء ينافسون أهل المنطقة ويلوثونها ضوضاء ومخلفات ويوزعون الخوف في نفوس الأطفال نهاراً كما يخيفون الكبار مساءً وخاصة النساءوهاهن النساء في النهار يقمن بدور الوسيط بينهم. وبينما الاثنتان في تعجب من حالهما وحال منطقتهما وذلك الوضع المفروض عليهما وإذا بهما في لحظات أشبه بتراجيديا الأفلام تضحكان على ذلك الدور الذي اضطرت إليه إحداهما لفض الاشتباك والرأفة بالمتصارعين الذي طال الصراع بينهما ولم يستحيا منها خاصة أن تكاثرهما ومن معهم فرض على الناس العيش في تلك الأجواء المشحونة. أما ضحكة المرأتين فقد كانت تعبيراً عن الاندهاش لذلك الوضع وتلك الوساطة التي قامت بها إحداهما وهي المرأة العجوز إنها وساطة وفك وفض اشتباك بين طرفين ليسا آدميين استوطنوا مع البشر وصاروا يزاحمونهم في الحي. بل أنهم يخيفون الأطفال والنساء والكبار ويقلقون السكينة. أما البشر وللطباع والسجايا الطيبة فيهم فما كان عليهم وخاصة المرأتين سوى أن يفضا العراك بعد أن تطايرت أعداد المتعاركين ليس من البشر بل من هؤلاء المستوطنين الذين لم يحرك البشر من المعنيين ساكناً للتخلص منهم وخاصة أنهم مسعورون فقد تركوهم يحيون ويعيشون ويتقاتلون كما يشاءون لماذا ؟لأنهم أي البشر في تعارك واشتباك وما أحد أحسن من أحد.