لقد أوصلت الأزمة السياسية اليمنية الراهنة الشعب اليمني العربي المسلم إلى مرحلة لا تُطاق وحالاً لا يسر صديقاً ولا عدواً لاسيما أولئك الذين لا ناقة لهم ولا جمل في الخلافات والمماحكات السياسية والأطماع الحزبية فأعمالهم عُطلت ومصادر أرزاقهم قُطعت وأصبحوا أكثر عجزاً عن إطعام أسرهم وأطفالهم ومن يعولون وتحول أمنهم إلى خوف وهلع وفزع وهم يرون الحياة العامة شبه مشلولة. فهاهو المشهد الذي لا يفارقنا هذه الأيام حيث السيارات والناقلات والحافلات تقف في طوابير طويلة لا نهاية لها ربما قطعت خط السير في الطرق الرئيسة تنتظر أياماً عدة لتحصل على الوقود. وإلى الجهة المقابلة من هذا المشهد تجد الأطفال والشابات من الإناث حتى النساء الطاعنات في السن اللواتي ليس لهن أحفاد أو أبناء أو من يعولهن يسرن جماعات جماعات في زمر متعددة ومتفرقة يحملن الماء فوق رؤوسهن في أوانٍ مختلفة الحجم والأشكال والألوان, تجدهن ذاهبات أو آيبات من العيون والمنابع والآبار والسوائل بعد أن توقفت مشاريع المياه عن العمل بسبب انقطاع الديزل والكهرباء. نعم عدنا وبلادنا اليمن السعيد إلى الماضي البعيد إلى ما يقارب خمسين عاماً مضت فما هو السبب؟! ومن المتسبب بهذا العقاب الجماعي المفروض على الشعب اليمني الحر الأبي؟! الجميع واقفون صفاً واحداً بين يدي الرحمن رافعون أيديهم إلى السماء متضرعون للمولى العزيز المنتقم أن ينتقم لهم ممن تسبب بهذا العذاب وفرض عليهم هذا العقاب الجماعي الذي ضاقوا به ذرعاً ولسان حالهم يقول :«اللهم من تسببوا بانقطاع الماء والوقود والكهرباء وأدخلوا اليمن بهذه الفتنة والأزمة الخانقة والتسبب بالخراب والدمار وإزهاق الأرواح وإراقة الدماء وقتل النفس المحرمة نسألك أن تجعل دائرة السوء تدور عليهم وأن تجعل كيدهم في نحورهم وتدبيرهم في تدميرهم وتذقهم العذاب الأليم في الدنيا قبل الآخرة عاجلاً لا آجلاً يا سميع الدعاء يا رب العالمين». وهكذا أصبح رب الأسرة المسكين لاسيما ذلك الذي لديه الكثير من الأولاد ولم يأبه بوسائل الصحة الإنجابية في تنظيم النسل بالحد المعقول تجده في الشارع يجري كالمجنون من دكان إلى متجر ومن صاحب إلى آخر باحثاً عن ضمين يكفله عند التاجر الجشع عديم الضمير الذي رفع أسعار المواد الغذائية والأساسية في ظل غياب الرقابة والتموين لعله يضمنه بما تبقى من ثمن القمح أو الدقيق أما الأرز والسكر فقد أصبح غير ضروري ولا لزوم له عند المواطن البسيط الغلبان. وأيضاً الحليب ليس مهماً ويجب أن يُفطم كل من في المهد. وهكذا أصبحت الحياة في يمن الإيمان والحكمة لا تطاق فأخشى أن يخرج الشعب اليمني عن بكرة أبيه يهتف بصوت عالٍ: “ الشعب يريد أن يعيش، الشعب يريد شربة ماء وقرص رغيف، يكفي كذباً وأحلاماً وهمية ووعوداً زائفة، الشعب يريد أن يعيش ....”. حدوث أمر كهذا ليس بغريب في ظل هذه الأزمة الخانقة التي أوصلت الشعب اليمني إلى مرحلة الجوع والخوف وجرّت البلاد إلى الخراب والدمار وحان الوقت أن يشمر الشعب اليمني عن ساعده ويقف وقفة رجل واحد ومعه كل العقلاء والخيرين والنبلاء والحكماء من أبناء الشعب اليمني بكل أطيافه الحزبية وتنظيماته السياسية وهيئاته المدنية ليقولوا للفرقاء السياسيين: الوطن أغلى منكم جميعاً وأمامكم خياران لا ثالث لهما إما أن تجلسوا على طاولة الحوار المستديرة وتعلنوا المصالحة الوطنية الشاملة وتخرجوا البلاد ومعكم الشباب من هذه الأزمة الخانقة وتعملوا على إنقاذ اليمن وقيادة سفينته إلى شاطئ الأمان وإلا فلترحلوا جميعاً فالوطن أغلى من الجميع. فهل نحكّم العقل والضمير ونعتبر مصلحة الوطن أولاً وأخيراً ونجلس جميعاً على طاولة الحوار لنخرج بلادنا وشعبنا من هذه الكارثة الحقيقية ؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة التي نتمنى أن تأتي قريباً جداً. وآخر قولنا : «اللهم احفظ يمننا من كل مكروه، ومن أراد به شراً اجعل كيده في نحره وتدبيره في تدميره إنك على كل شيء قدير»، اللهم آمين اللهم آمين اللهم آمين.