إن المبادرة الخليجية هي المنقذ الوحيد لإخراج اليمن من أزمته السياسية الراهنة ويجب أن يأتي الحوار تحت سقفها ولكنها بحاجة إلى تعديلات جوهرية في بعض بنودها من أجل إخراج اليمن من هذا المنزلق الخطير الذي وصلت إليه مؤخراً هذا ما يراه بعض الساسة والمراقبين للشارع اليمني. وفي حقيقة الأمر كلما تأخر الحوار زادت الأوضاع تدهوراً واشتدت معاناة الشعب اليمني لاسيما والشهر الكريم على وشك الوصول فيجب على الإخوة الأشقاء والأصدقاء تكثيف الجهود والمساعي لإيجاد الحل المقنع والمرضي لجميع الأطياف السياسية المتنازعة وتطبيقه على أرض الواقع ولابد من إشراك الشباب الذين هم أصل القضية، وينبغي أن تكون المبادرة قابلة للتطبيق على أرض الواقع المتأزم سياسياً بيسر وسهولة. فالوضع الراهن بأمس الحاجة إلى الحكمة والتأني وتلطيف الأجواء وتخفيض درجة الاحتقان لإيجاد مناخ ملائم لجلوس الأطراف السياسية المتصارعة على طاولة الحوار وتقريب وجهات النظر من أجل تنفيذ بنود المبادرة وإخراج اليمن من هذا المأزق الخانق. فالمبادرة الخليجية نصت على تقديم الرئيس استقالته بعد ثلاثين يوماً من توقيع الاتفاقية وتشكيل حكومة ائتلافية في ثلاثين يوماً وبعد ستين يوماً وتجرى انتخابات رئاسية خلال تلك الفترة فكيف يتم ذلك والوضع متفجر؟! وكيف يتم مراجعة جداول الناخبين؟! وكيف يتم تشكيل حكومة والناس مختلفون في الرؤية والأفكار والتصور والاتجاهات؟! وكيف يكون ذلك في ظل التباين بين فرقاء العمل السياسي ؟! اعتقد أن الفترة الزمنية القصيرة التي حددت لتنفيذ بنود المبادرة غير كافية ولا بد من إعطاء فترة زمنية كافية تلائم الواقع المتأزم وتراعي فقدان الثقة وانعدامها بين الأطراف والأطياف السياسية وكذلك الغليان الذي بلغ ذروته في الأوساط الاجتماعية والقبلية والحزبية وانفصام الشخصية في أوساط بعض الشباب الذين تقمصوا الشخصية المستقلة مع أنهم غارقون في الحزبية من الرأس حتى القدمين ولا ينفذون إلا ما يُملى عليهم من قبل قياداتهم الحزبية، ناهيك عن الانقسام والانشقاق داخل الجيش وانقسام العلماء إلى فريقين وأيضاً الشعب اليمني إلى فريقين فريق مؤيد وفريق معارض، والشباب الذين يفترشون الساحات والشوارع فريق مع وفريق ضد، والمظاهرات والمسيرات الجماهيرية الحاشدة التي تجوب شوارع عواصم المحافظات اليمنية طولاً وعرضاً، فريق يريد النظام وأخر يرفضه، والآلاف من المصلين الذين تركوا بيوت الله وشدوا الرحال إلى الساحات لأداء صلاة الجمعة تحت مسميات متعددة ومختلفة فريق في السبعين والآخر في الستين وقس عليها المحافظات الأخرى، والخراب والدمار الذي لحق بالوطن، كل ذلك يمثل عقبة صعبة وحجر عثرة وتحدياً قوياً أمام أي مبادرة أو حل للأزمة اليمنية وإن كانت المبادرة الخليجية هي الأقرب لحل هذه الأزمة المعقدة. ومن أجل نجاحها من وجهة نظري يجب أن يُعاد النظر في جوهر بنودها والفترة الزمنية المحددة لتنفيذها، وإيجاد آلية لتنفيذها كمنظومة متكاملة بكل بنودها بعد التعديل وتوافق عليها جميع الأطراف المتنازعة سياسياً ولا بد من إدخال الشباب كطرف ثالث في الأزمة السياسية ولا بد أن ترعى وتدعم من قبل الاتحاد الأوربي وأمريكا وروسيا وفرنسا وبريطانيا وكل القوى الدولية الفاعلة حتى يكتب لها النجاح وتجنب اليمن ويلات الحرب الأهلية لا سمح الله . وأعتقد أن الحل يكمن في وضع الحلول المرضية لكل الأطراف لإخراج اليمن من هذا المنزلق في إطار المبادرة الخليجية. وعلى ضوء ذلك أعتقد أن هذه المبادرة ستجد طريقها وستخرج إلى حيز التنفيذ في غضون الأيام القلية المقبلة واضعةً في الاعتبار عودة فخامة رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح إلى أرض الوطن بصفته رئيساً شرعياً لليمن منتخباً من قبل الشعب وذلك بعد استكمال فترة علاجه خارج الوطن في عاصمة الشقيقة المملكة العربية السعودية، ليرعى هو شخصياً المبادرة الخليجية كونه عاملاً أساسياً في التوازن السياسي داخل اليمن، وهو الوحيد صاحب التجربة في التعامل مع كل هذه التركيبة الاجتماعية المعقدة ذات الاتجاهات المختلفة، ولهذا يعد وجود فخامة الرئيس علي عبدالله صالح عنصراً أساسياً وفعالاً لنجاح المبادرة الخليجية كونه ما زال حتى اللحظة يتمتع بدعم دستوري وسياسي ومازال أغلب الجيش بيده وداعماً له. ولهذا يجب مراجعة بنود المبادرة الخليجية وإيجاد آلية لتنفيذها من أجل تجنيب الوطن الخراب والدمار، وأعتقد أن هذا هو الحل الأمثل للخروج من هذه الأزمة الخانقة أما ما تسير عليه أحزاب اللقاء المشترك من تصعيد للأزمة كما هو دأبها الذي اعتادت عليه فهذا هو الانتحار بحد ذاته وستجر معها البلاد إلى كارثة مدمرة ستحرق الأخضر واليابس ولن يسلم منها أحد. شكراً للأشقاء شكرنا الجزيل وامتناننا العظيم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز وإلى الأسرة المالكة وإلى كافة الشعب السعودي الشقيق على اهتمامهم بالشأن اليمني واستضافتهم لفخامة رئيس الجمهورية وكبار مسئولي الدولة ومنحهم الرعاية الصحية الكاملة وهذا ليس بغريب على الشعب العربي المسلم الأصيل وما هذه الألوف المؤلفة التي خرجت في جمعة الوفاء والعرفان لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده والشعب السعودي الوفي إلا دليل على عمق الأخوة والمحبة والدين والدم والنسب التي تربط بين الشعبين الشقيقين اليمني والسعودي. اللهم أدم هذا الحب والإخاء بين الشعبين الشقيقين، اللهم أشف رئيسنا وأرجعه إلى أرض الوطن سالماً، اللهم اهد أحزاب اللقاء المشترك وأعدهم إلى رشدهم، اللهم احفظ بلادنا من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، آمين.. آمين.. آمين.