إن الإرهاب لادين له ولا وطن و لا منطقة ولا قبيلة ولا حضارة، إنه طاعون العصر وآفة المجتمعات والشعوب، الحقد والكراهية فكره وخطابه، لايعيش ويترعرع وينمو إلا في الخراب، يتلذذ بصور الدماء والأشلاء ، يتنفس أهله الصعداء حين يقتلون الحياة ويوقفون عمارة الكون ويفرغون مقاصد الاستخلاف. إذا كان الإرهاب قد استهدف برجي التجارة العالمية في نيويورك ودمرهما، فإنه قد استهدف اليمن كله أمنه واستقراره واقتصاده، شرد اليمنيين من ديارهم، أوقف عجلة الحياة في مجتمعهم، أصبح للإرهاب في اليمن مشايخ ومتعهدون وممولون ومفكرون ودعاة وخطباء ومنابر. الأمريكيون جميعاً وقفوا ضد الإرهاب حين دخل دارهم ، واستهدف أمنهم واقتصادهم وسمعتهم وكبرياءهم، لم نجد أمريكياً يشرع للإرهاب الذي يدمر أمريكا ويقتل الأمريكيين، وقفوا جميعاً مع الدولة واستحضروا قوتها وهيبتها، لم يتآمروا عليها، أما اليمنيون فحدِّث ولا حرج. استهدف الإرهاب الأمريكيين فازدادوا قوة وعتواً ونفورا ، بينما استهدف الإرهاب اليمنيين فازدادوا فقراً وضعفاً وجوعاً ومهانة ، سقط برجا التجارة في أمريكا فتسابق إليها المستثمرون وأمراء المال ورجال الأعمال والأثرياء العرب ، كأنهم يعتذرون تلقائياً عما حل بهم ، يمدون يد الولاء والطاعة لهم ، بينما الإرهاب استهدف سيارة سائحين في اليمن، فإذا بالمستثمرين وأمراء المال ورجال الأعمال والأثرياء العرب وإخوة الدين والدم واللغة والتاريخ يفرون ليلاً وينادون بالويل والثبور ، إعلامهم الخبيث شوه صورة اليمن واليمنيين، لم نجد منهم إلا العداوة والبغضاء أبداً. المؤسف أن تقوم قنوات فضائية ملوثة المنبت والهدف والرسالة والخطاب بقصد مباشر بلصق آفة الإرهاب باليمنيين، متعمدين تشويه الصورة الحقيقية لهم، يبدو أن وراء ذلك العمل هدفاً خفياً لا نعلمه، تعاطى مع ذلك الهدف والسلوك أحزاب ومشايخ وقبائل ومناطق لم يكن في الحسبان أنها ستتحول إلى ملاذ لقطاع الطرق والقتلة والإرهابيين المتآمرين وتجار الأسلحة ومصاصي الدماء وفلول المخربين، لا يمكن أن يصدق يمني قبل ان تتكشف الأمور العظام أن تلك المناطق والقبائل التي حافظت على اليمن تاريخاً وحضارة تسقط في مستنقع التآمر والتدمير والتخريب ضد اليمن واليمنيين. الإرهاب الذي ينتهجه تنظيم القاعدة لمحاربة أمريكا والغرب واليهود غيّر فكره وأسلوبه وأدواته ومعاركه وسلاحه وميادينه، لم يعد الأمريكان والأوروبيون والإسرائيليون هدفه، لم تعد بلدانهم ميداناً لعملياته ولا اقتصادهم وأمنهم واستقرارهم هدفاً لعملياته وفتوحاته، أصبح اليمن اليوم ميداناً لفتوحات القاعدة ومنظريهم مشائخ الفتنة، دماء اليمنيين التي تراق وأرواحهم التي تزهق وبلدهم الذي يدمر، عوضت تنظيم القاعد عن دماء وأرواح الأمريكيين والأوروبيين والإسرائيليين وبلدانهم إذا لم يكن ذلك فماذا إذاً؟ إخواننا في الجزيرة والخليج بدلاً من جبر كسورنا ومداواة جراحنا يتعاطون مع وضعنا وظروفنا ومصابنا بالاستهتار والسخرية والمن والأذى، تناسوا أننا جزء من عمودهم الفقري الذي لو أصابه العطب فإصابتهم جميعاً بالشلل واردة لا محالة. نعم العيب فينا نقر بذلك ونعترف بأننا فاخرنا بالحكمة ثم اضعناها خدرتنا المشاعر حتى فاتتنا سحابة المصالح، اليمنيون اليوم بحاجة إلى التخلي عن جنون التاريخ والدخول في معادلة المصالح.