في معظم دول العالم وخصوصاً المتقدمة منها أصبحت الشركات بمختلف أنواعها وأحجامها وطبيعة نشاطها ومنتجاتها من سلع أو خدمات تولي أهمية بالغة بعملائها المستهلكين لمنتجاتها والمتعاملين معها مهما كانت مستوياتهم وخصائصهم الديموغرافية. فالعملاء من منظور الفكر التسويقي المعاصر الذي تطبقه العديد من الشركات اليوم يمثلون سادة السوق أو مراكز الأعمال الذين تتمحور حولهم وتوجه إليهم جميع أنشطة وجهود هذه الشركات. ووصل الأمر إلى العديد من الشركات بتدليل عملائها والنظر إليهم كشركاء في الشركة يهمها سعادتهم ورضاهم عنها وعن منتجاتها. هذا هو حال معظم الشركات في العديد من دول العالم في نظرتها لعملائها ومعاملتها معهم، لكن ماهو حال معظم شركاتنا الوطنية ونظرتها إلينا وتعاملها معنا كعملاء مستهلكين لمنتجاتها وخدماتها. والحقيقة أن هناك شركات وطنية تفهم وتقدر عملاءها وتكبر إلى خدمة احتياجاتهم ورغباتهم من السلع والخدمات بجودة مناسبة، لكن وفي الجانب الآخر توجد شركات وطنية للأسف الشديد بعيدة جداً عن تطبيق المفهوم الحديث للتسويق فيما يتعلق بنظرتها ومعاملتها مع عملائها، فهناك شركات لا تحترم عملاءها أو تراعي احتياجاتهم ورغباتهم ومصالحهم وخصوصياتهم. فعلى سبيل المثال: بعض شركات اتصالات الهاتف المحمول في بلادنا لا تلزم بالحد الأدنى من جودة الخدمات المقدمة لعملائها مقارنة بالعديد من الشركات العربية والعالمية العاملة في هذا المجال فلا تكتفي بأنها خارج نطاق التغطية معظم الأوقات وفي معظم أنحاء الوطن هذه الأيام بالذات لكنها أيضاً لا تقدر ظروف وخصوصيات عملائها وتزعجهم برسائل دعائية sms على هواتفهم في أوقات متفرقة على مدار اليوم وغصباً عنهم، فلا تستغرب أن تأتيك رسالة نصية على هاتفك المحمول بعد منتصف الليل تخبرك بأنك إذا أردت الحصول على أغان أو نغمات لفنانك المفضل اتصل على رقم..، أو إذا أردت أن تضحك أو تحصل على آخر نكتة اتصل بالرقم.. وهكذا، وكل شيء بحسابه فشركة الاتصال رابحة والشركة المعلنة عبرها رابحة أيضاً وأنت العميل الخاسر الوحيد والمتضرر من إزعاج هذه الرسائل. وصدقوني أحبائي القراء أني كنت في إحدى الدول العربية الشقيقة وليست دولة أجنبية عدة سنوات تنقلت بين ثلاث من شركات الهاتف المحمول العاملة في هذه الدولة كعميل ومستفيد من خدماتها، لم أتلق أي رسالة مزعجة أو رسالة دعائية أو معلوماتية غصباً عني من مختلف هذه الشركات التي تحترم وتقدر خصوصية عملائها ورغباتهم، بينما هاتفي في اليمن لا يمضي يوم واحد دون أن تصلني من خلاله رسالة دعائية مزعجة من هنا وهناك. هذا فقط مثل واحد وبسيط عن انعدام احترام بعض الشركات لعملائها، وهناك العديد من الشركات ومظاهر عدم احترامها لعملائها لا يتسع المقال لذكرها، ويكفي أن يعمل الواحد منا مقارنة بين ما تذكره العديد من شركاتنا الوطنية في إعلاناتها المرئية والمسموعة والمطبوعة لمنتجاتها، وبين ما يلمسه المستهلك في الواقع من منتجات الشركة أو تعاملها معه، فالعديد من الشركات اليمنية للأسف الشديد تتفنن في إعلاناتها عن منتجاتها في مختلف وسائط نشر الإعلان المسموعة والمرئية والمطبوعة وتظهر منتجاتها في الإعلانات على أنها ذات جودة عالية تفوق غيرها من المنتجات المنافسة وأن مستهلكي هذه المنتجات في الإعلان التلفزيوني على سبيل المثال ومعظمهم أجانب طبعاً يستمتعون جداً بهذه المنتجات خلال الإعلان بينما لو ذهب أحد هؤلاء إلى أقرب بقالة لشراء المنتجات التي يعلن عنها لأدرك مدى الفرق أو الفجوة بين ما يقوله الإعلان عن هذه المنتجات وجودتها وبين ما يجسده الواقع من حقائق ومعاناة المستهلكين من ضعف جودة هذه المنتجات ورداءتها في كثير من الأحيان. فهل آن الأوان لشركاتنا الوطنية أن تدرك جيداً بأن حبل التوجه بالبيع فقط دون مراعاة حاجات ورغبات ومدركات العملاء، قصير جدا، وأنها أمام متغيرات وتحديات اقتصادية عالمية أبرزها انضمام اليمن قريباً إلى منظمة التجارة العالمية واتفاقية الجات وما سوف يترتب عليها من فتح السوق اليمنية على مصراعيها أمام منتجات عالمية ذات جودة عالية وشركات عالمية تعرف وتقدر وتدرك تماماً ماذا يعني لها رضا وولاء عملائها وماذا يجب عليها أن تعمله لتحقيق ذلك في ظل سوق عالمية ومحلية مفتوحة تشهد منافسة شرسة بين الشركات والبقاء فيها للأفضل والأقدر على احترام وتقدير عملائها وتحقيق احتياجاتهم ورغباتهم قولاً وعملاً.