إن التمسك بالديمقراطية خلال المرحلة المقبلة أمر بالغ الأهمية، لأن الديمقراطية هي النافذة التي تمكن الشعب من ممارسة حقه في اختيار السلطة التشريعية والتنفيذية والسلطة المحلية، وهو الأمر الذي يعزز حكم الشعب، وبمعنى أكثر تحديدًا أن الديمقراطية تمنع القوى النفعية المتسلطة من ممارسة القهر والجور على الشعب، بل إن الديمقراطية تجعل هذه القوى تحترم الشعب وإرادته الكلية. إن التجربة الديمقراطية التي عاشتها اليمن عقب الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر عامي 62، 1963م قد رسخت لدى الشعب وعياً كلياً أدرك من خلاله أن مكونات المجتمع اليمني السياسية لا يمكن أن تحقق الأمن والاستقرار أو تحافظ على كيان اليمن واحداً موحداً ما لم تكن الديمقراطية والمشاركة السياسية متاحة للناس كافة، ومن هنا يأتي الإصرار البالغ على الحفاظ على الشرعية الدستورية لإنها إرادة الشعب وليست إرادة فرد أو فئة اجتماعية معينة أو شلة على الإطلاق، بل هي تعبير عملي عن الإرادة الكلية للشعب التي جاءت عبر الانتخابات الحرة والمباشرة. إن من يتحجج بالظروف التي يرى أنها غير صالحة للانتخابات لا يدرك خطورة العودة إلى حكم مراكز القوى النفعية التي تريد إعادة البلاد والعباد إلى ماقبل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر أو ربما لم يدرك بأن تلك القوى الظلامية ظلت تعمل عقب الثورة بهدف إعاقة الحياة السياسية والتنموية في اليمن، ولم يستقر الوضع إلا عقب السابع عشر من يوليو 1978م عند انتخاب أول رئيس للبلاد عبر المؤسسة الدستورية، ولم يترسخ الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية الشاملة في الوطن إلا عقب إعادة لحمة الوطن في 22 مايو 1990م والانفتاح الكامل على الديمقراطية والتعددية السياسية، والذي نرى اليوم أن الشعب مصر على نهج الديمقراطية الشوروية بإذن الله.