لن أكون متشائماً حيال قضية التسوية الوطنية التي حملتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، وسأكون متفائلاً جداً بأن اليمن في طريقها للخروج من أزمتها الراهنة برغم كل التداعيات والاستفزازات من هنا وهناك الرامية إلى الالتفاف على المبادرة وتقويض جهود التسوية الوطنية، ومصدر التفاؤل مرتبط بإعلان حكومة الوفاق الوطني والتي نأمل أن تعمل على إزالة آثار وتداعيات الأزمة بحيث نصل إلى العام 2013م ونحن في كامل الاستعداد لخوض غمار الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على طريق بناء الدولة المدنية، دولة المؤسسات التي يحلم بها كل مواطن يمني، وما أتمناه في هذه المرحلة أن يتم إسكات أصوات الرصاص في تعز وأرحب ونهم من قبل الأطراف المتصارعة، لا نريد أية ممارسات دموية من أي طرف كان، لأن الخاسر الأكبر هو الوطن والضحايا الذين يسقطون هم من أبناء جلدتنا سواء كانوا من الجيش والأمن أو من المواطنين.. يحز في النفس ما يحصل في تعز وعلى كافة الأطراف التدخل العاجل لإيقاف هذه المهزلة التي جعلت من تعز مدينة للموت، فهذا لا يُعقل على الإطلاق. نريد العنف أن يتوقف في أرحب ونهم من كل الأطراف، آن الأوان أن نترفع عن الصغائر ونبتعد عن الممارسات الاستفزازية التي لا تخدم سوى أعداء الأمن والاستقرار في يمننا الحبيب. نحن أمام مرحلة انتقالية نتطلع إلى أن تنتقل معها البلاد نحو الأفضل، شيء طيب أن يصل أطراف الأزمة اليمنية إلى وفاق على الحكومة الانتقالية القائمة على التوافق الوطني، فالمرحلة تتطلب أن يتجرد الجميع من المصالح الشخصية والحزبية وتصفية الحسابات ويجعلوا من المرحلة تتطلب أن يتجرد الجميع من المصالح الشخصية والحزبية وتصفية الحسابات، ويجعلوا من المرحلة الانتقالية محطة لإعادة الثقة لدى المواطن اليمني بأن بلاده مازالت في خير وأنه لايزال فيها من العقلاء والحكماء والمخلصين لوطنهم الكثير ممن تؤهلهم كل هذه الصفات الوطنية لخدمة الوطن والشعب وتحسين أوضاعهما. نريد أن تكون العلاقة بين أعضاء حكومة الوفاق قائمة على الحب والإخاء وتجمعهم شراكة وطنية يكون شعارها اليمن أولاً، نريد أن يتجرد الوزراء من الولاءات الشخصية والحزبية، ليكونوا على قلب رجل واحد في خدمة اليمن والشعب ويعملوا على التعايش الأخوي وعدم الوقوع في مستنقع تصفية الحسابات وتحويل الوزارات والمؤسسات الحكومية إلى جبهات وفروع للأحزاب، لا نريد إقصاء الكوادر الوطنية المشهود لها بالكفاءة والنزاهة لمجرد الانتماء السياسي أو المواقف والرؤية الشخصية، حيث يُسارع كل طرف إلى تصفية خصومه في الوزارات التي تولى قيادتها، لأننا بذلك لن نحلّ المشكلة ولن نتجاوز الأزمة، حيث ستظل الحكومة مرتهنة للمكايدات الحزبية والصراعات السياسية، نريد طي صفحة الماضي والتفرغ لتشكيل أول سطور الصفحة الجديدة في تاريخ اليمن إذا ما أردنا نجاح حكومة الوفاق الوطني، وإذا ما أردنا أن نجعل من هذه المرحلة بأنها انتقالية قولاً وعملاً، سلوكيات الانتقام مرفوضة وممقوتة والوطن في ظل هذه الأوضاع لم يعد بحاجة إليها، فالوطن في حاجة ماسة لأن يعي الجميع بأن نجاح الحكومة التوافقية يعتبر بمثابة النجاح لليمن وخروجها الآمن من الأزمة بأقل الخسائر، وأن أي عضو فيها لم يعد يُمثل حزبه أو تحالفه السياسي بقدر ما يمثل الشعب اليمني بأكمله، وينبغي التعاون مع كل فرد فيها من أجل اليمن، وخصوصاً أننا ندرك جميعاً أن الطريق أمام هذه الحكومة لن تكون مفروشة بالورود، فالحِمل الذي أنيط بها ثقيل جداً ولكننا على ثقة بأن الإرادة الوطنية المخلصة لأعضاء هذه الحكومة قادرة على تجاوز الصعاب وقهر المستحيل من أجل تحقيق المهام الموكلة إليها، نريد أن يلمس المواطن إصلاحات جذرية تصب في مصلحته وتضع نهاية سعيدة لمعاناته وخصوصاً بعد أن صبر وتحمّل كل تبعات المرحلة الماضية بكل منغصاتها وظروفها الاستثنائية الصعبة والمريرة. مهام حكومة الوفاق محدودة، ونحن ندرك جيداً أن نجاحها في إنجاز كل المهام مرهون بتوفير الأجواء والمناخات المحفزة والمشجعة لها وعلينا جميعاً الإسهام في ذلك من أجل أن تحقق الحكومة كل ما ذهبت إليه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، لا نريد أن تتحول الوزارات إلى غنائم يتقاسمها الحزب الحاكم والقوى المتحالفة معه من جهة وأحزاب اللقاء المشترك والقوى المتحالفة معها من جهة أخرى، كما لا نريد أن يجعل هؤلاء من هذه المرحلة الانتقالية بمثابة فرصة لاصطياد الأخطاء وتسجيل النقاط والمكاسب السياسية وخصوصاً أن موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تعقب الفترة الانتقالية لايزال طويلاً نوعاً ما، ولا أرى أن الدعاية الانتخابية المبكرة ستحقق أية مكاسب من هذا القبيل وهو ما يُحتم على الجميع تغليب المصلحة الوطنية ومن ينجح في أداء مهامه هو الذي سيكسب ثقة الناخبين في المستقبل. أقول ذلك في الوقت الذي ظهرت في الأيام القليلة الماضية بوادر أزمة أكثر خطورة من الأزمة السياسية، حيث تحمل ملامح الفتنة المذهبية والطائفية بين السلفيين والحوثيين في محافظة صعدة في توقيت خطير يُشير إلى أن هناك قوى خارجية لا تريد لليمن الأمن والاستقرار، والمؤسف أن تسقط في هذه المواجهات أرواح العديد من الأبرياء في الوقت الذي كانت محافظة صعدة تعيش حالة من الاستقرار بعد ست جولات من الحرب التي كبّدت الاقتصاد الوطني خسائر باهظة وخلّفت آلاف الشهداء، ومن هنا نأمل أن تعلو أصوات العقلاء في الجانبين لاحتواء هذه الفتنة التي يسعى البعض إلى إشعالها من أجل تعطيل المبادرة واستمرار معاناة المواطنين وإقحامهم في صراعات وفتن مذهبية وطائفية ما أنزل الله بها من سلطان، تغليب المصلحة العامة وتحكيم الشريعة الإسلامية من الضرورة لتجاوز هذه الظروف وينبغي الوقوف ضد دعوات التحريض على العنف والقتال أياً كان مصدرها، نريد أن يقف مسلسل نزيف الدم وإزهاق الأرواح في اليمن من أجل الانتقال إلى أعتاب مرحلة جديدة، نريد أن يتفرغ الجميع لعميلة البناء والتنمية لليمن الجديد بعيداً عن الصراعات السياسية والمذهبية. يجب درء الفتنة المذهبية في صعدة، وعلى الحوثيين والسلفيين أن يقبلوا بالتعايش السلمي فيما بينهم كما كان في السابق ولا حاجة لهم بالتصعيد والخطاب الديني والإعلامي المتطرف، نحن نريد بناء مجتمع تذوب فيه الخلافات السياسية والحزبية والمذهبية والطائفية، مجتمع يتساوى من خلاله كافة اليمنيين في الحقوق والواجبات، نريد أن يقبل كل منا الآخر دونما إقصاء أو إلغاء أو استبعاد ويحمل كل طرف الآخر على السلامة، نريد أن تتوحد توجهاتنا ومطالبنا لتصب في قالب واحد يخدم اليمن أرضاً وإنساناً، نريد علماء اليمن أن يتقوا الله في أنفسهم وفي شعبهم، نريد هم شوكة ميزان تميل مع الحق وترجح كفته وتردع أصحاب الباطل وتدعوهم إلى جادة الحق والصواب، نريد منهم إنهاء حالة الانقسام، فهذا لا يجوز شرعاً وخصوصاً في هذه المرحلة التي تتطلب تكاتف الجهود وتضافرها وإنهاء حالات الانقسام أينما وجدت، لا نريد أن لا تبقى أية ثغرات يمكن لأعداء اليمن استغلالها لإجهاض التسوية السياسية وحل الأزمة الراهنة بين فرقاء العمل السياسي، نريد سد كل الثغرات لتمكين فرقاء الأمس حلفاء اليوم من أداء المهام الموكلة إليهم على الوجه الأمثل، علينا أن نكثر جميعاً من الاستعاذة من شياطين الإنس قبل الجن من أجل تجنيب البلاد الفتن والأزمات والصراعات والاختلافات وخصوصاً عقب كل صلاة طيلة هذه لفترة من أجل محاصرتهم وتعطيل حركتهم الإفسادية والتدميرية، نريد القضاء على الفساد بمختلف صوره وأشكاله، نريد أن تكون الحكومة وأن يكون البرلمان في خدمة الشعب لا العكس، نريد ثورة تعليمية تنتشل البلاد من حالة الأمية التي يعاني منها السواد الأعظم من المتعلمين علاوة على الأمية التي يعاني منها المجتمع، فالتعليم هو من يمنع التطور والازدهار لأي بلد، نريد تحسن أوضاع القطاع الصحي بكل قطاعاته على الأقل بما يكفل حصول المريض على تشخيص دقيق لحالته الصحية، نريد قضاءً عادلاً ونزيهاً ولا نريد قضاة يعملون بنظام المقاولة للقضاء، نريد تطهير القضاء من أصحاب «الذمم العُتّم» ممن لا يخافون الله ويحكمون بغير ما أنزل الله. نريد كهرباء لا تنقطع، ومياه ومشتقات نفطية ومواد غذائية واستهلاكية متوفرة بأسعارها الرسمية بلا أزمات مصطنعة تجعل من حياتنا كلها نكداً في نكد، نريد تطبيق سيادة النظام والقانون وسيادة دولة المؤسسات في المرحلة الانتقالية، نريد أن نعيش في رحاب يمن جديد تتعزز فيه مناخات الحرية التي لا سقف لها إلا الشريعة الإسلامية والدستور والقوانين النافذة في البلاد. نريد من حكومة الوفاق رفع تقرير تفصيلي حول الخسائر والأضرار الناجمة عن تداعيات الأزمة الراهنة وتحديد كلفة التعويضات للمتضررين وإعادة الإعمار والبحث عن مصادر لتمويلها، نريد من حكومة الوفاق إصلاحات اقتصادية وخدمية وتنموية شاملة تلبي سقف طموحات وأحلام وتطلعات كل اليمنيين من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ونريد منها أن تنتصر للشعب الذي آن الأوان بأن يعيش حياة هانئة بدون متاعب أو منغصات، وسيسجل التاريخ لهذه الحكومة إن هي أنجزت هذه المهام الجسيمة هذا الدور الوطني الكبير بأحرف من نور ويدخل أفرادها في سفر الإنجازات الوطنية الخالدة والفريدة.. حفظ الله اليمن واليمنيين وأدام علينا نعمة الوحدة والأمن والاستقرار ولا عاش أعداء اليمن.