ما أحوجنا وما أحوج شعبنا اليوم إلى خطاب إعلامي عقلاني متزن يراعي المصلحة الوطنية أولاً بعيداً عن التعبئة والتحريض وإثارة الضغائن والأحقاد والنفخ في النار، فالوطن بات اليوم أكثر من أي وقت مضى في أمس الحاجة إلى الاستقرار والأمن وعودة الحياة إلى طبيعتها. نعم نحن الآن نقف على مفترق طرق فإما وأن نخرج بهذا البلد الطيب إلى بر الأمان بعد تلك الأزمة الطاحنة التي خلفت تركة ثقيلة من المعاناة على مستوى الفرد وحياته المعيشية لتبدأ مرحلة جديدة مفعمة بالحب والوفاء والصدق والتسامح والقبول بالآخر بعيدة عن الإقصاءات والتناحرات والصراعات السياسية. وإما أن ننزلق إلى ما لا تحمد عواقبه لا قدر الله. فلكم يسوؤنا اليوم ما يدور في أغلب المؤسسات وأشير هنا على وجه الخصوص إلى المدارس التي تضم بين جنباتها فلذات أكبادنا وأجيال المستقبل فما هو الموجب والداعي والمبرر لإغلاق بعض المدارس كمدرسة الشهيدة نعمة رسام والتي يحيط بها ثلة من المسلحين الخارجين عن القانون ومنع التدريس وكذلك مدرسة الحكيمي وزيد الموشكي وأسماء والمعهد الفني والمعهد التقني والمعهد الإداري وغيرها وكذلك المستشفيات وإضراب الأطباء في هيئة مستشفى الثورة العام على سبيل المثال كنت حاضراً يوم الخميس مطلع الشهر الجاري وفوجئت أن هناك اعتصاماً ينفذه بعض الأطباء والعاملين وإذا بي أسمع خطاباً من إحدى الطبيبات تقول: من يريد أن يعتصم معنا وإلا ينصرف ليجلس في الصالات وممنوع العمل.. دفعني الفضول إلى مقاطعتها بالقول إن: عملكم إنساني وأن هناك مرضى يتألمون، وإذا بأحدهم يحرض المعتصمين ضدي ليهتف المعتصمون خلفي بعبارات “إرحل” وتم إخراجي من المستشفى بلسان حال: لا صوت يعلو فوق صوت أعضاء المشترك هذا واقع الحال مع أن القول المنطقي أن الإدعاءات ضد الناس لها طرق محدودة رسمها القانون وكل ذي حق من حقه أن يلجأ إلى القضاء دون افتعال الزوبعات لأن القول المنطقي المسلم به أنه لو كان أولئك الذين يرفعون أصواتهم اليوم في كثير من المؤسسات يملكون دليلاً على صحة ما يدعون لما ترددوا عن تقديم ذلك عبر الأطر القانونية فهناك جهاز مركزي للرقابة والمحاسبة وهناك نيابة أموال عامة على رأسها كادر مشهود له بالنزاهة والأمانة وأراهن على أن لا أحد سيفلت من سطوة القانون بعد إحالته إلى النيابة. أما أن ترمى التهم للناس فقط بسبب الانتماء الحزبي والولاءات الضيقة فتلك إساءات يجرمها القانون ومن حق كل شخص توجه إليه تهم بالفساد وهو بعيد عن ذلك دون تقديم أدلة وسلوك الأطر القانونية أن يقيم الشكوى أمام القضاء لحمايته لأن المسألة هنا ليست مزاجية أو كما يطلق عليه مفتعلو تلك الغوغاء عملية اجتثاث بقايا النظام فمن المؤكد أن ذلك سيعود بنتائج عكسية وينقلب السحر على الساحر. وكم هي المصيبة والطامة الكبرى عندما تعود الكثير من الصحف إلى أشبه ب«كير» ينفخ في نار هذه الأزمة لا سيما وأن هناك ملامح أزمات قادمة في الأفق ونحن لم نعد نحتمل كل ذلك.. اللهم فاشهد فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت.