سأقول باختصار: نحن جيل الوحدة.. لم نعرف “عدن” معرفة حقيقية إلا من خلال الوحدة.. أحببنا “عدن” وعشقناها، رغم كل المحاولات الدنيئة التي حاولت ومازالت أن تشوّه “عدن” بعيوننا وقلوبنا.. وأن تزرع بأعماقنا وجعاً دينياً ضد عدن تارةً.. وتبذر بعقولنا وجعاً سياسياً عدائياً تارة أخرى. لقد أسأتم لعدن بما فيه الكفاية.. لقد أنهكتم لؤلؤة اليمن الفكرية والسياسية والأخلاقية والسياحية بما فعلتموه، وتفعلونه دوماً.. وها أنتم رغم نشازكم الظاهر تتفقون على تدمير عدن بكل الطرق غير المشروعة، وإن كان بعضها تحت إطار المشروعية السياسية والدستورية. ماذا تريدون من عدن؟ وقد جعلتموها ساحة للنزاع والخوف والرعب وتنفيذ أجندة المهووسين بالجنة المعطلة والسلطة الفارغة من أيّ مضمون إنسانيّ يحفظ مكانة وتأريخ هذه المدينة العظيم. من لم يدرك قيمة عدن الحب والجمال والتأريخ والسياسة والنضال والفن والعلم والفكر والإنسانية بأجمل صورها.. فليذهب للجحيم. من لم يعِ جيداً أن “عدن” هي وقود مصباح الدولة المدنية الحديثة.. فليذهب للجحيم. من لم يفهم - حتى اللحظة - أن كل ألعاب النظام الفاشي بشقيه السياسي والديني صارت مكشوفة تماماً أمام عيون وعقول أهالي عدن.. فليذهب للجحيم. لم تسيئوا لمدينة وتأريخ ومعالم وإنسان كما فعلتم وتفعلون بعدن.. فلماذا كل هذه الخيبات المتوالية؟ ولمصلحة من؟ وما الذي قد جنيتموه وستجنون منه المزيد من كل ما يحدث بحق عدن وأبنائها؟. لم أعد أعوّلُ على شيءٍ في عدن الإنسان والإنسانية سوى على من تبقّى من الشباب الناضج في إطار الحراك، وما تبقى من الشباب والرجال والنساء في دائرة الصمت والمتوارين عن مسرح الأحداث أن يهبوا جميعاً لنجدة عدن بوعيهم وسلامة عقولهم وقلوبهم.. وألا يجعلوا “عدن” لقمة سائغة للمرة الألف للوحوش المتأزمين في أثوابهم المتلونة وأكتافهم الحرباء. يا ذئاب القفار.. دعوا “عدن” لأهلها.. لا تجبرونهم على الحضور لصناديق الاقتراع بالواحد والعشرين من فبراير الجاري.. ولا تمنعونهم عن الذهاب لذات الصناديق.. دعوا أبناء عدن يرسمون مستقبل مدينتهم كما يريدون، فهم الأحق بخيرها والأكثر دراية بما يعتمل فيها ومعها في كل نواحيها وتفاصيلها التي لم تدركوا منها سوى ما سرقتموه ونهبتموه وقدمتموه طوعاً لأسيادكم. يكفي عدن الحبيبة كل هذا الخراب.. كل هذا الوجع.. كل هذه الدموع.. كل هذه الخسارات في شبابها.. وأجمل ما فيها.. الإنسان.