أقل أشكال التخيير هو أن يكون بين أمرين على الأقل، وأقل من ذلك لا يسمى تخييراً ولا انتخاباً، ولكن دعونا نقول بأنه قد جرى تفصيل ديمقراطية على المقاس اليمني وعلى مقاس الأزمة التي شهدتها المرحلة الماضية، وبالتالي كنا أحوج ما نكون للحلول والمخارج التي تقينا شر الانزلاق إلى مهاوي الحروب الأهلية، وقد وافق الجميع على صيغة الخروج ولو على حساب الديمقراطية الحقيقية المختلفة تماماً عن ديمقراطية الخروج من الأزمة. ثمة من يسمي هذه الديمقراطية المُفصلة على مقاس الأزمة ومقاس اليمن بأنها ديمقراطية التقرب إلى الله، ولست أدري لماذا هذا المسمى؟ ولكن نقول أيضاً نحن بحاجة إلى حلول ولو جاءت المسميات غير دقيقة في وصف الحال والمتطلبات الراهنة، فالأهم من المسميات هو أن تأتي النتائج لمصلحة الناس وتضع حداً لأوضاع أثقلت كاهل هذا الشعب إلى حد المأساة. انتخابات الخيار الواحد تبدو في غير هذه الأوضاع عملية فيها الكثير من السخف والضحك على العقول، ولكن ما حدث طيلة الفترة الماضية وخطورة الوضع على الداخل والمحيط الإقليمي والدولي جعل منها عملية طبيعية جداً ومعقولة للغاية.. والمهم ألا يتحول مفهوم التقرب إلى الله من خلال هذه الانتخابات إلى عكس ذلك بعد الانتخابات، فنحن نخاف من المراهقة الدينية التي تحشر الفتوى في كل شيء حتى في الأمور التي لا تحتاج إلى ذلك. على أية حال لا يجب أن يُفهم هذا الكلام على أنه ضد الانتخابات وضد المرشح الوحيد، لأنني على قناعة مطلقة بأننا بحاجة إلى حلول حقيقية لإخراج البلد من المآزق الذي أوقعه فيها أبناؤه، ولا بأس إن جاءت من باب ديمقراطية الخيار الواحد وهو خيار ليس عفوياً إطلاقاً ولكن له مبرراته الموضوعية التي أقنعت العالم الذي شرَّع ودعم هذا الخيار بقوة لإدراكه بأن الذين يتقربون إلى الله بالديمقراطية اليوم كانوا يتقربون إليه ومازالوا وسوف يكونون على استعداد مطلق للتقرب إليه بأية صورة كانت وعلى أي شكل ولو كان العمل من أساسه تقرباً إلى الشيطان. لقد وصلنا إلى مرحلة حاسمة لا تقبل التراجع عن الممكن في الوقت الحاضر، ولذلك نقول نحن مع كل الخيارات التي هي في مصلحة البلاد والعباد ودعونا من المسميات الرنانة والبراقة ودعونا من أسلمة الحلول وتكفيرها، فالعملية سياسية خالصة ولا تحتمل المزايدات والمبررات ذات العمائم. لنقل جميعاً لقد اقتنعنا بضرورة الحلول السلمية التوافقية ونحن مع كل إجراء من شأنه إغلاق باب الشر وصون دماء اليمنيين، ومن أجل ذلك سنلوي عنق الديمقراطية وكل الأعناق التي تدفع بالبلد نحو أتون الصراعات والحروب والأزمات التي طالت الناس جميعاً في أقواتهم وراحة بالهم وأضرت بالحاضر، فلا تسمحوا لها أن تضر بالمستقبل أكثر مما قد حدث.