إذا رأيت جائعاً فاعرف أن فاسداً سرق لقمته، وبحسب ما أعلنته الأممالمتحدة بداية العام الحالي يصل عدد الجوعى في اليمن إلى 4 ملايين شخص، فيما يهدد “سوء التغذية” نصف مليون طفل يمني بالموت.. لا أدري إلى أي مدى ستجعل أرقامٌ مفجعة كهذه فاسدين كانوا سبباً في ارتفاع عدد الجوعى والفقراء والمعذبين في اليمن، يشعرون بالذنب فيبدأون بالتوبة عما يفعلون! كم سيكون لدينا بعد اليوم من فاسدين تنبهوا أن الأمر لا يعني فقط هدر المال العام وإفساد الحياة العامة والاستحواذ على مقدرات الشعب، بل قد يصل إلى مشاركتهم في قتل يمنيين، وإن بطريقة غير مباشرة. ومع اقترابنا من خطوة أخرى تمثل مرحلة جديدة في تاريخ اليمن، فثمة فاسدون لم يقرروا بعد أين ستكون خطوتهم التالية وفي أي صف يقفون؟ هل مع زمن اختلت فيه القيم أم في صف زمن جديد أعلن عن قيمه على مدار عام كامل، وعرفها كل صغير وكبير، ودخلت كل بيت يمني. يعيش الفاسدون الآن صراعاً في دواخلهم؛ فبعضهم يعتقد أن ما فعله لم يكن فساداً، بل من حقه، والبعض يغالط نفسه فيقارن فساده بفساد آخرين فيشعر بالامتنان. إنهم في ريب مما يحدث؛ هل الثورة جادة في القضاء على الفساد أم أن الأمر سيستمر كما كان عليه؟ ماذا لو استمر الحال في وقت نكون قد أخذنا قرار التوبة؟ هل سنستطيع العودة؟. ما كان في اليمن يمكن أن نطلق عليه دولة الفساد لا فساد الدولة، ذلك الذي يأتي على معيشة الناس فيجعل حياتهم جوعاً وفقراً معدمين محتاجين، فيما فئة متخمة بالمال العام وبالثراء امتدت يدها إلى قوت غيرها لتتولد من وراء ذلك الجريمة واللصوصية والتطرف والإرهاب. لم يكن الفساد في اليمن هو الاستثناء، بل كان الأساس، فأصبحنا مضرب المثل فيه وترتيباتنا متقدمة في تقارير الفساد الدولية. سيكون من المهم أن تبدأ إجراءات صارمة لمنع ازدياد الجوعى في اليمن والفقراء والمحتاجين أهمها: تفعيل قوانين مكافحة الفساد، وتقديم الفاسدين إلى المحاكمة حتى يرتدعوا حين يفكرون في سرقة لقمة الشعب. لكن ومن المهم أيضاً أن يبدأ الفاسدون أنفسهم بفتح صفحة جديدة، يُطرح فيها سؤال مهم: هل ما نفعله صحيح وشرعي أم العكس؟ ثم يقرروا على أساس الصواب لا الواقع ويمتنعوا بوازع من ضميرهم. * سقطة: يقال إن وزير الكهرباء صالح سميع محاط بسيارات الحراسة، وحرَّاسه يفوقون حراس رئيس الوزراء باسندوة، لا بأس بذلك أنت وزير ومسؤول علينا، ونحن نخاف عليك، لكن من يخاف علينا؟ إذ يحاصرنا الظلام منذ توليت الوزارة.