سألني أحد القراء عبر رسالة إلكترونية إلى أي مدى سيكون عليه التفاؤل بقيام دولة مدنية حديثة؟ متسائلاً عن دور الشباب في لجنة الحوار، وعن نجاح الحوار، وختم أسئلته القلقة هل سيأتي يوم وأعود إلى بلدي وأرى ما دمره النظام السابق تم بناؤه من جديد في كل الجوانب؟. هذه أسئلة ما بعد الثورة على نظام عائلي حتى الآن يحاول إعادة إنتاج نفسه بطرق مختلفة يساعده في ذلك كثير من عُبَّاده، يسقط في عقولهم الوطن ليحل مكانه صنم. وكل أولئك لا يملكون إجابة على أسئلة قلقة كالذي سألها القارئ بل يملكون إجابة على سؤال مآلاتهم الخاصة. يعيش القارئ مغترباً في المملكة العربية السعودية، سنوات طويلة من الشقاء والغربة التي يعانيها، لقد خرج وفي نفسه أسئلة العودة ومواقيتها، المفارقة العجيبة أن ملايين اليمنيين اضطروا بسبب سياسات النظام السابق إلى الهجرة إلى الخارج وترك بلدانهم كرْهاً، تركوا أهلهم وأرضهم بحثاً عن لقمة عيش وحياة كريمة، لم يعمل هو على توفيرها لهم، فيما تكبر ثرواته كل يوم، وتزيد مناصب أولاده وأقاربه، المفارقة أن صالح اليوم يرفض الخروج من بلده، يخاف من أن يواجه مصير ملايين اليمنيين، يتمسَّك ببلده كما يقول، وبحزبه، وبأموال تتناثر على هيئة قنوات ووكالات وصحف وبربجندة تحضر للانتخابات وللبقاء في السلطة المزيد والمزيد من السنوات. المفارقة في أنه لم يكن حريصاً يوماً على شعب يموت في حدود الدول المجاورة تعباً، تتشوه دواخله بسبب الحرمان والفقر والغربة ومعاملات قاسية.. لم يكن حريصاً في أن يحد من هجراتهم في كل حدب مجبرين على ذلك، لعله كان يعتقد الأمر إحدى سنن الكون، لكن عنده لا يؤمن بها بل يحتاط لنفسه. لذا من الطبيعي ألا يكون أحد سوى أصحاب المصلحة حريصاً على بقائه وهو مازال حجر عثرة أمام أن ينطلق اليمن، فالمنطق يقول: إن كل الرؤساء في العالم أجمع غادروا منفى اختيارياً أو إجبارياً احتراماً وحباً في أوطانهم نزولاً عن رغبة شعوبهم. ما الذي ينقصه صالح سوى الحب والوطنية؟. واستقراء لسنن الكون، يبدو أنها بداية النهاية، وللنهاية نهاية، مقابل محاولات لحرفها عن مسارها بالاستقواء.. «ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله». أعود لأسئلة القارئ والإجابة رغم قلقي أنا الآخر على مصير اليمن، أنا أؤمن أن مهمتنا تتركز على العمل من أجل الأجيال القادمة، أنت ستعود إلى بلدك بالتأكيد ولن يمنعك أحد، لكن لذة العيش فيه أن تعمل من أجله أن تحبه كما هو فقير أو غني.. ضعيفاً كان أم قوياً، وما أقوى بلد كاليمن لو انتبه بنوه إليه. لقد بدأنا خطواتنا الأولى، وفي كل الأحوال علينا أن نعمل وليس علينا توقع النتائج، يكفينا أننا نحاول، وأثق بنجاحنا. سنرجع وترجع اليمن يوماً، سيأتي ذلك اليوم الذي حلمت به، ألم يأتِ زمن الثورة التي حلمنا بها قبل؟!. رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=465970243442056&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater