ما إن نطارد الفساد ليخرج من حياتنا ومؤسساتنا ووعينا وأحلامنا ودفاتر أطفالنا حتى يعود إلينا في أبشع صور الانتقام والحقد القاتل؛ متلبساً لافتة الإرهاب وعنوان القاعدة, كأن لسان حاله يقول: “لا رحمة لشعب لم يرحم نفسه فانتطروا الكارثة”!. الفساد والإرهاب وجهان لجماعة واحدة, متلازمان منهجاً وموضوعاً وهدفاً, يخرجان من مصدر وعقلية واحدة, لا مكان في قاموسهما للدين أو الضمير أو الإنسانية, إذا كان الفساد يسرق لقمة البسطاء والمال العام ويجيّر المؤسسات لمصالح أشخاص, فإن الإرهاب يأتي على ما تبقّى من الحياة ليقطع دابر الإنسان ويعجّل بمغادرته إلى الآخرة بحجة تطهيره من لوثة المدنية وثقافة العولمة. الثعابين المتضخمة بفعل الفساد أصابها جنون العظمة, تحوّلت إلى ممارسة القتل المنظم والإرهاب الدموي البشع, السلطة والحكم جنون لا حدود له, المال والنفوذ والغرور بالقوة طيش وجنون مركب أصاب الكثيرين؛ حتى إنك لا تستطيع أن تميز بعضهم عن بعض فهم صنيعة مرحلة, هم الفساد والإرهاب معاً, إن فرغوا من مص الدماء تحوّلوا إلى اقتلاع الألسنة وقطع الأوردة!!. لا يمكن الفصل بين عتاولة الفساد وإرهاب القاعدة؛ فكلاهما يكمل الآخر, محاور الفساد ودوائر النفوذ في بلادنا تموّل عمليات القتل المنظم سواء تلك التي نفّذت في أبين أم المكلا أو عدن أو تعز أو غيرها من المحافظات, الأموال التي اكتنزها اللصوص المتنفّذون والأفاعي المتضخمة تتحول اليوم إلى إرهاب يحصد أرواح اليمنيين ببشاعة وحقد دفين, يتجسد اتفاق فرقاء المصالح والسلاح في المعركة الخفية التي تترصد حلم اليمنيين لتحوّله إلى كابوس. المتنفّذون في بلادنا على اختلافهم وتوحد أهدافهم ومصالحهم كأنهم يخيروننا إما الفساد وإما الإرهاب, إما دولة القبيلة وإما الفوضى والشتات, حكايات ومشاريع وأعمال مفضوحة سهلة الفهم والقراءة, إما نحن أو الطوفان, كنتم ومازلتم أيها الفاسدون كارثة الزمان والمكان التي سيتغلب عليها اليمن ويتجاوزها اليمنيون مهما تضاعف الثمن والجهد والمعاناة. ثمة رابط لا يخفى على عاقل بين دوائر الفساد السلطوي القبلي العسكري ومجاميع القاعدة ومشاريع الإمارات الإسلامية وفكرة استنزاف حكومة الوفاق ومضاعفة العراقيل أمام الإصلاحات التي يسعى الأخ رئيس الجمهورية إلى القيام بها خلال الفترة الانتقالية, حتى يبقى الحال على ما هو عليه إن لم يصبح أكثر سوءاً مما كان, إشغال اليمنيين بدماء وأشلاء أبنائهم وأطلال بيوتهم وأحيائهم ومؤسساتهم التي يسعى الأخطبوط الأسود إلى تدميرها. أعمال الإرهاب التي أدمت قلوب اليمنيين في أبينوالمكلا لا يجب أن تمر دون محاسبة الفاعلين الحقيقيين لها, فضح الأشخاص أو الأحزاب أو الدوائر التي تقف خلف هذا العنف المشرعن باسم القاعدة أمر لابد منه حتى يعلم اليمنيون من يقلتهم ويخرّب مجتمعهم ويحرق حلمهم في التغيير السلمي الآمن. الأراضي والأموال التي نُهبت في المحافظات الجنوبية أو الشمالية يجب أن تعود لأصحابها أو لخزينة الدولة وأملاكها, تحريرها من أيدي اللصوص والمتنفذين واجب وطني وديني وأخلاقي, حتى لا تتحول تلك الأموال والعقارات إلى مادة لدعم الإرهاب وإعاقة بناء دولة المؤسسات وإقلاق الأمن والسكينة الاجتماعية. الإرهاب في بلادنا مفضوح أمره ومصادر تمويله ومن يقف خلفه, المتنفذون جميعهم سواء من كان في السلطة أم المتخفين في سراويل المعارضة تربطهم علاقة وطيدة بالارهابيين الجدد ومشاريع العولمة الإسلامية التي نلاحظها في الإمارات المفرخة, إنها صور للفساد والإرهاب معاً.