إن الإنسان بطبعه اجتماعي يألف بني جنسه ويتعاون معهم من أجل حياة آمنة ومستقرة وهذه النظرة ليست حديثة بل وجدت مع الحياة الإنسانية ونادى بها المفكرون منذ وقت طويل، وقامت على أساس النظرية الاجتماعية الحضارات الإنسانية ومنها الحضارة الرومانية واليونانية والفارسية والحضارة اليمنية التي كان لها حضور إنساني في تلك الحضارات في القارات القديمة آسيا وأوروبا وافريقيا وقد بدأت الدولة اليمنية من الفرد ثم الأسرة ثم الاحياء والقرى والعزل والقبائل ثم قبائل اليمن وأخيراً الدولة اليمنية التي مازالت قائمة. إن الفكر السياسي اليمني عبر تاريخ الحياة السياسية كان دعماً لمفهوم السلطة المركزية والقوة القادرة على فرض هيبة وسلطان الدولة ولم يأتِ الفكر السياسي اليمني بغير ذلك بل ان الفكر السياسي اليمني اصل لكيفية اختيار الحاكم واعتبر الحاكم مفوضاً من قبل الشعب بصلاحيات دستورية محددة أجمع عليها الناس وفوضوا الحاكم وأعطوه الحق المطلق في امتلاك القوة واستخدامها لحماية مجتمع الدولة ولم يجز مطلقاً لأي طرف مهما كان امتلاك القوة وقد لاحظنا هذا الاتجاه في الفكر السياسي اليمني عبر العصور المختلفة، بمعنى ان حالة الاجتماع على رفض امتلاك القوة لأية جماعة غير الدولة وان الدولة هي من لها حق امتلاك واستخدام القوة لحماية المجتمع. إن إدراك اليمنيين لمفهوم الدولة القادرة والمقتدرة مفهوم أزلي وظل اليمنيون عبر مراحل التاريخ يساندون هذا الاتجاه لأن تجربتهم في الحياة قادتهم إلى الاتفاق على جهة واحدة لها حق امتلاك القوة واستخدامها ويرى الفكر السياسي اليمني ان تأصيل هذا الحق من الأمور الضرورية لحياة آمنة ومستقرة وموحدة ولا يؤمن الفكر السياسي اليمني بتعدد الجهات المالكة للقوة مطلقاً لأن الدولة مسئولة عن حماية الناس ومنع طغيان القوي على الضعيف. إن التفكير في الأنظمة السياسية المختلفة يعطي مؤشراً على حيوية المجتمع وقدرته على تحديد المسارات الآمنة لحياة مستقرة وموحدة ولذلك نجد تاريخ الحياة السياسية في اليمن واحداً موحداً ولا تستقر فيه الحياة إلا عندما تكون الدولة قادرة على فرض هيبتها وتمتلك القوة القاهرة وتمنع أي طرف من ذلك، ولذلك لا نرى مكاناً في الفكر السياسي لأصحاب المشاريع الصغيرة الذين ألغوا حياة الفرقة والشتات وعاشوا على التناقضات، واليمنيون عبر مراحل التاريخ يسعون دائماً إلى وحدة الصف وقوة الدولة بإذن الله.