لكم الله يااهل غزه    8 شهداء بيوم واحد في مجاعة غزة والاحتلال يستهدف لجان تأمين المساعدات    الحكومة: لن نسمح بأي ممارسات احتكارية أو تلاعب بالأسعار ولا تساهل مع المخالفين    استعادة صنعاء بالأعراس    دوناروما يكشف كواليس إبعاده عن باريس    الحديدة.. فعالية للصناعة والاستثمار بذكرى المولد النبوي    ضبط شخصين انتحلا صفة رجل المرور في منطقة معين بأمانة العاصمة    وزارة العدل وحقوق الإنسان تختتم ورشة تدريبية متخصصة بأعمال المحضرين    وزراء خارجية 24 دولة يطالبون بتحرك عاجل لمواجهة "المجاعة" في غزة    عدن .. ادانة متهم انتحل صفة طبية ودبلوماسية ومعاقبته بالسجن ودفع غرامة    الأرصاد يحذّر من استمرار هطول أمطار رعدية في عدة محافظات    إيلون ماسك يهدد بمقاضاة أبل    الذهب يرتفع وسط تراجع الدولار وترقب اجتماع ترامب وبوتين    رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقر خطة احتلال مدينة غزة    رحيل الأديب المصري صنع الله إبراهيم عن 88 عاما    متوسط أسعار الذهب في صنعاء وعدن الاربعاء 13 أغسطس/آب 2025    الوزير الزعوري يطّلع على انشطة نادي رجال المال والأعمال بالعاصمة عدن    نائب وزير الأوقاف يتفقد سير العمل في مكتب الوزارة بعدن    الحكومة تدعو الدول الشقيقة والصديقة لدعم جهودها لمواجهة التحديات الاقتصادية    محافظ حضرموت يناقش سير مهام شركة بترومسيلة    وزير الدفاع يبحث مع القائم بأعمال السفارة الصينية مستجدات الوضع في بلادنا    مصلحة الأحوال المدنية بذمار تقيم فعالية بذكرى المولد النبوي    الاتصالات والتأمينات بذمار تنظمان فعالية بذكرى المولد النبوي    القطاع الصحي يستعصي على النظام ويتمرد على تخفيض الأسعار    الوثيقة العربية الموحدة للشراكات بين القطاعين العام والخاص في الطيران المدني    غروندبرغ.. زوبعة في فنجان    ليفربول يخطط لضم خليفة قائده    رسميًا.. نجم مانشستر سيتي إلى إيفرتون    جوارديولا كلمة السر.. دوناروما يتفق مع مانشستر سيتي    نيويورك حضرموت    اكتشاف حفرية لأصغر نملة مفترسة في كهرمان عمره 16 مليون سنة    عائلة عفاش فشلت في تنظيم حفل زواج في بلد النظام مصر.. فكيف ستحكم بلد الفوضى اليمن    نفذوا قراراتكم على الجميع وإلا رجعوا الصرف كما كان    عودة عيدروس الزبيدي للضرب تحت الحزام لكل فاسد    لصالح من اعادة نشاط التنظيمات الارهابية    سلة لبنان آخر المتأهلين إلى ربع نهائي آسيا    بعد اعتماد قائمته رسميّا.. الاتحاديون يزكون سندي    مخطط صهيوني لتهجير سكان غزة في جنوب السودان    كالكاليست: ميناء إيلات يبدأ بترحيل عماله    القوات المسلحة اليمنية: استراتيجية الردع والمواجهة في البحر الأحمر    جورجينا تعلن موافقتها على الزواج من رونالدو وتثير ضجة على مواقع التواصل    عدن .. المالية توجه البنك المركزي بجدولة المرتبات والحكومة تلزم الوزرات بتوريد الفائض    المقالح: العيش على شتيمة الماضي إفلاس وخسران    تقرير بريطاني يكشف دور لندن في دعم مجازر الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة    مجلس وزراء الشؤون الإجتماعية يتخذ جملة من القرارات للإرتقاء بعمل القطاعات    السقلدي: هناك من يضعف الجميع في اليمن تمهيدًا لاحتوائهم    ندوة وفعالية احتفالية في مأرب بمناسبة اليوم العالمي للشباب    مكتب رئاسة الجمهورية ينظم دورة تدريبية حول مهارات التفاوض واختلاف الثقافات .    وزير الصحة يطّلع على التجربة الصينية في التحول الرقمي والخدمات الصحية الريفية    من يومياتي في أمريكا .. أنا والبلدي*..!    عدن شهدت انطلاقة كرة القدم قبل 125 عاماً على يد "فتيان الثكنات"    فريق طبي مصري يستخرج هاتفا من معدة مريض    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    حملة ميدانية في مديرية صيرة بالعاصمة عدن لضبط أسعار الأدوية    مليشيات الحوثي تدمر المعالم الثقافية في الحديدة وتحوّلها لمصالح خاصة    فيديو وتعليق    بهدف معالجة الصعوبات والمشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي.. رئيس مجلس الشورى يلتقي وزير الصحة والبيئة    مرض الفشل الكلوي (16)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عسل يمني بفم السفير الأمريكي
نشر في الجمهورية يوم 15 - 03 - 2012

قبل فترة وجيزة، تلقى(فاير استاين) ست دبب عسل، الحجم الطبيعي للدبة الواحدة سعته (5 لترات)، هذه الكمية واحدة من الهدايا التي – ربما - يتلقاها معالي السفير على الدوام.
الهدية أو الرشوة - لا فرق في التسمية - تتطلب أن نتناولها، ليس بدافع التشهير بشخص ممثل الولايات المتحدة الأمريكية الأول في اليمن، أكثر من الحديث عن أدائه الدبلوماسي.
معه زادنا من محاسن الأداء الأمريكي، وبتنا نعرف الآن بأن (العسل) له علاقة مباشرة بتقلبات مواقف معاليه الدبلوماسية، وهو يمانع من إعادة هيكلة الجيش، حتى بات السفير يمثل مصدر العسل بتعنته العجيب لفكرة الهيكلة.
لنهمل الكثير من التفاصيل، لا تبدو ضرورية، سأخفيها مع أنها كثيرة تخص صفقة العسل (زمان ومكان التسيلم، نوع العسل هل هو أصلي أو مقلد مغشوش)، لقد حصل عليها فاير استاين وانتهى الأمر.
الكتابة عن هذا النوع من الهدايا يمكن وصفه في مثل هذه الظروف التي تمر به البلد عمليات منظمة لإفساد حقيقة الدبلوماسية، خاصة ومعالي السفير حصل على كمية العسل من شيخ قبلي مقرّب من الرئيس السابق، يتمتع (الشيخ) بنفوذ واسع في محافظة عمران، بالإضافة إلى موقعه القيادي في حزب المؤتمر الشعبي.
أتمنى من هؤلاء الذين تعوّدوا على شراء الذمم والمواقف، ويحاولون أن يخوضوا غمار السياسة ويتربعوا على الكراسي، حتى عبر دبب العسل، أن يلعقوا عسلهم، لعله يقيهم مرض السلطة المزمن، ويوفر عنهم الركض المستمر في اتجاه المناصب.
والسؤال الأكثر إلحاحاً: هل صار العسل يعمل على تقريب وجهات النظر بين السفير والأطراف التي تتبنى خط تقديم الهدايا؟ وإلى هذا الحد، ليصبح له القدرة في ذات الوقت على خلق التنافر والتباعد بين السفارة الأمريكية والأطراف الأخرى التي تنادي بهيكلة الجيش، ولكنها لا تحسن ربما تقديم الهدايا وكيل العسل إلى فم السفير.
إننا نخاف في هذه الحالة بأن يعود غياب العسل بالاتفاق والوفاق الوطني إلى المربع الأول، ليس لأن الفرقاء يرفضون إعادة هيكلة الجيش التي تضمنتها المبادرة والآلية المزمنة، أو ينوون تعميق جراحات البلاد، ولكن لأن المزيد من العسل ربما يجري تدفقه نحو السفارة بشكل منتظم، وذلك يجعل من مواقف الراعي الرسمي ومشرف السفارة الأولى (فاير استاين) على هيكلة الجيش في حيرة من أمره.
بعد أن تلقى معالي سفير الولايات الأمريكية العسل، أصبح يتحدث عن بقاء أقرباء الرئيس السابق في مفاصل مؤسسة الجيش، وذلك يعني بشكل واضح جريء تحالف الدبلوماسية مع البيادات العسكرية.
من يخبر هذا الرجل العجيب الذي يتذوق عسلنا أنه يرجمنا بتصريحات شديدة المرارة؟ من يخبر السفير الأمريكي في صنعاء أننا في صدد ثورة حقيقية، ننشد التغيير في كل المؤسسات أهمها المؤسسة العسكرية؟ من يشكره نيابة عن كل هذه الساحات، نيابة عن الشهداء وباسم الجرحى، ويقدم له التحية الأخيرة عن دوره حتى اللحظة، ويقول له: كفى؟.
اخبروا هذا المثابر المتذبذب.. عليه أن يرتاح، عليه أن يستجم في ظلال فندق الشيراتون أو موفمبيك، ألا يكفيه كل الدمار الذي خلفه في أفغانستان والعراق مذ كان سفيراً فيهما؟ إنه لا يبدو أكثر من الباعث على لعب دور الدبلوماسي الرديء، متكدس المواقف في السوق الدبلوماسي الواسع.
الدبلوماسي الغبي (يرسب) حينما يتجاهل أن ينسج العلاقة مع المجتمع المدني والإعلام الحر، والنخب الوطنية الحقيقية وقادة النقابات والأحزاب الناضجة، ويذهب ليباشر مهمة تحالف الدبلوماسية مع قادة الحرب والتدمير.
من وقت لآخر يطل علينا سعادته، يصدر تصريحاته المشمئزة المنفرة، ولا يهمه أن ينزعج منها اليمنيون أو لا، الأهم هو تحقيق أكبر قدر ممكن من أجندات الحاكم في الظل، المضروبة حول أعناقنا، نشعر بمرور الوقت أنها تضيق.. كلما تحدث (استاين)، يبلغ فينا من التقزز ما يصل حدود مستوياته المروعة، نصاب معه بزوغان العيون ويثير فينا الغثيان.
بالنسبة لي شخصياً مواقف (فاير استاين) لا تدهشني كثيراً، إنني لا أستطيع أن أطلق على غالبيتها وصف إيجابي، في مجمل أدائه، من الطبيعي أن يراعي (فاير استاين) مصالح بلده على خارطة وطننا.
وتلك خاضعة لمعايير عدة كالفقر والتخلف وشماعة القاعدة والحاجة للتخلص منها الآن قبل الغد، ونعاني من غياب أدوات الخلاص منها نهائياً، كما أن هذا ليس الجديد.
حالة الثورة اليمنية - من وجهة نظر سعادة السفير - هي الجديدة في بلد كاليمن، يشكل الفساد والعبث أبشع صورة له، ويرى أبناؤه أن الوقت حان لاستئصال أرباب الفساد ورموزه، وهذا ما يجعل السفير بمواقفه مرتبكاً على الدوام؛ لأن بقاء الوضع على ما هو عليه يمكنه من مواصلة تلقي الكثير من الهدايا خاصة العسل، ولا تبدو فكرة التغيير مستحسنة لديه الآن، لذلك يريد البقاء في هذه الحالة، يفرط في تعلقه بمذاق العسل الفريد، وربما خارج وصفة الطبيب، ما يفقده اتزانه المهني والأخلاقي أيضاً.
في اليمن وحده يؤدي العسل أكثر من وظيفة، إلى كونه يتمتع بنسبة عالية من الفوائد الصحية، وينصح في تناوله الأطباء، وهذه المنافع العلاجية الوقائية المتعارف عليها، أيضاً تضاف إليها منفعة أخرى هنا، أن ترفع - على سبيل المثال - نسبة أداء السفير الأمريكي في الجانب السلبي لعمله الدبلوماسي؛ ليتجاوز دوره (الدبلوماسي) إلى السياسي، حتى إنه يشعرني أحياناً أنه يقوم بدور أحد قادة أحزاب التحالف الوطني، ويجب أن يبدي مخاوفه من كل ما يطمح إليه اليمنيون من تغيير، ومؤخراً عملية هيكلة الجيش.
إن كميات العسل التي يتلقاها المسؤول الأول في سفارة أمريكيا بصنعاء تتحكم بمواصلة تنفيذ بنود المبادرة الخليجية والآلية المزمنة التي قبلها الشعب على مضض، أو تقف عائقاً في وجه التغيير، وهي ربما من تعقد الأمور أكثر من اللازم، وقد تدفع بالوضع نحو منحدر خطير، في حال ظل الجيش وأقرباء الرئيس السابق على ما هم عليه في مواقعهم العسكرية.
إن مواقف معالي السفير المشهودة كافية لوصفها بالمغايرة، يفاجئنا بها من وقت لآخر، وبدلاً من أن يباشر مع أصدقائه الدبلوماسيين في المساهمة الإيجابية في إعادة هيكلة الجيش عاود الحديث عن حاجتهم للاحتفاظ بأقارب الرئيس السابق في مواقعهم العسكرية.
تبدو هذه النزوة تواصلاً لقفزات (فاير استاين) المعهودة من الثورة، وحالة التخبط التي يمتاز بها هذا الرجل منذ باشر اليمنيون ثورتهم.
إن حالة الشطط التي يعانيها (فاير استاين) تبدو دائمة في أدائه الدبلوماسي، الدور الذي قبلت أن تلعبه سفارة الولايات المتحدة الأمريكية، وتتخذه من حالة الثورة اليمنية، تأخذ أفعال السوء مع هذا الرجل بعداً آخر.
وفي غالبية مواقفه السلبية تتراكم في طريق بناء قاعدة الأخطاء الشائعة، حيث سيصبح بعد انتهاء فترته الدبلوماسية سيء الصيت والسمعة، وسيتحدث اليمنيون أن سفير أمريكا في اليمن - في فترة بعينها - كان أسوأ من استخدم وظيفته الدبلوماسية هنا، كما بات يدركها الشعب اليمني؛ لأن سعادته لا يراعي مشاعر اليمنيين، يجري التصريحات الصحافية ويتفنن في إغاضة شعب يريد أن يتغير، ويقف في طريقه على أنه الحاكم في الظل والقابض على زمام الأمور.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.