بعد سقوط أو انهيار الاتحاد السوفيتي في بداية تسعينيات القرن الماضي، وانهيار التوازن الدولي، وانهيار الأنظمة الاشتراكية في أوروبا الشرقية، وفي بلدان العالم الثالث ما عدا عدد من الدول قليلة العدد، صمدت في وجه التسونامي الذي ضرب البلدان الاشتراكية في العالم، وسيادة الفوضى العالمية.. نعم بعد هذا الانهيار تصاعدت الحملات الترويجية للنظام العالمي الجديد، وهلّلت العديد من الأنظمة لذلك، وانبهر بها المثقفون والسياسيون في كثير من بلدان العالم صاروا يهرولون لإثبات تعولمهم للسيد العالمي الجديد أكثر من عولمته، وذلك سعياً لكسب وده، وتحقيق المكاسب منه، والحظوة بثقته، وتلافياً لشروره، وبطشه، وتجنب عدوانه، واحتلاله. فالسيد العالمي الجديد منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وانفراده بالعالم وسطوته كقوة وحيدة في العالم، وهو يعبث ويقوض أمن وسلامة وأمن وسيادة واستقلال الشعوب.. ورفع شعار أن لا صوت يعلو على صوت «العولمة»، وكل من يمانع أو يقاوم يعرّض نفسه للاتهامات بالشمولية والإرهاب ثم التآمر والحرب الإعلامية والنفسية والعدوان، حتى أن المجتمع الدولي اختزله السيد العالمي بنفسه وحده، وأصبح يقرر ويتصرف ويعتدي ويحتل باسم المجتمع الدولي رغم مخالفته لكل المواثيق والقوانين والإعلانات الدولية. السيد العالمي الجديد «الولاياتالمتحدةالأمريكية» أفسدت الحياة العالمية وبدلاً من أن يطمئن العالم في ظل «عولمتها» أصبح العالم يعيش الخوف والهلع والقهر والظلم وعدم الاستقرار.. فعشرون عاماً مضت من هيمنة السيد العالمي الأوحد «الولاياتالمتحدة» عانت شعوب وأنظمة العالم الأمرين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، بل إن النظام نفسه أصبح يعاني ويقاسي من الأزمات المالية والاقتصادية وعجوز موازناته الباهظة وديونه الهائلة، وأصبحت شعوبه تكابد وتقاسي من ازدياد الفقر والبطالة، وانهيار العديد من المؤسسات النقدية والصناعية. إن العالم أصبح أكثر إدراكاً لفشل «العولمة» بسبب تدهور اقتصاداتها، وتزايد نسب الفقر والبطالة فيها، وتدهور الخدمات والصحة والتعليم، وضياع الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي جنباً إلى جنب مع إصابة نظام «العولمة» نفسه بأزمات اقتصادية ومالية يصعب معالجتها إلا بإصلاح بل بتغيير النظام نفسه.. وعليه «فالعولمة» وسيدها لم تعد صالحة للعالم.