لاتزال اليمن بعيدة عن إمكانية الوصول إلى الأسس والأهداف التي مكنت العديد من البلدان من التكنولوجيا والعلوم المختلفة لأسباب تتعلق في أن اليمن بلد يفتقر إلى كثير من المقومات لاسيما منها العلمية والتقنية وإلى الأساليب المعتمدة في دول العالم لمواجهة التحديات التي قد تعترضها، فالثروات والموارد الاقتصادية اليمنية لا تدار بالشكل الصحيح الذي ينبغي أن تكون عليه، بل تنهب الكثير من هذه الثروات والموجودة في ظاهر الأرض وباطنها وفي مياهها البحرية الإقلمية والدولية، فالسياسات الاقتصادية القائمة فشلت ولم تستطع إخراج اليمن من مأزقه، فالحقيقة لاتزال ماثله أمامنا حتى اليوم من تردٍّ لمستوى معيشة الناس من فقر وبطالة وغيرها. ما ينبغي أن نعرفه جميعاً هو أن السوق اليمنية استهلاكية وليست إنتاجية، وأسواق كثير من الدول المجاورة لليمن هي أسواق شبه مغلقة بوجه كثير من المنتجات اليمنية (صناعية وزراعية)، كما أن الاقتصاد اليمني هو الحلقة الأضعف في المنطقة بين جاراتها الخليجية، ولذا فإن اليمن قد يواجه مشكلة مصير حقيقية وظروفاً صعبة جداً في المستقبل تظهر بعض مؤشراتها اليوم إذا لم يعتمد على الأسس والأساليب المتبعة دولياً والتي صنّفت وانطلقت من خلال كثير من البلدان الناشئة، إذاً لابد أن تكون هناك إرادة وعزم قوي من الدولة والمجتمع نفسه بضرورة الإصلاح والتغيير، والمهم من ذلك هو قوة الإرادة السليمة وخطوات البداية والعزم والثبات للوصول إلى الهدف ومن حدد المنهج وشقّ طريقه إليه وصل، فليس من المعقول أن اليمن بقدراته الاقتصادية المحدودة قادر على الوقوف في وجه التحديات الاقتصادية الحالية دون جهود وتكاتف أبنائه ودون تخطيط مسبق. لذا فإن الاقتصاد اليمني سيواجه اليوم جملة من التحديات والمشاكل العالقة الحادة والمعقدة نتيجة عدد من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتراكمة من الماضي والمستجدة اليوم، فاليمن يقف اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن تتمسك بالنظام الاقتصادي التقليدي الذي تعودت عليه أو أن تنطلق في توجه اقتصادي جديد مبني على أسس علمية وتقنية مدروسة لتلبية الاحتياجات الاقتصادية والتنموية والاستثمارية الضرورية في المدى القريب ومنه التوجه نحو استراتيجيه وطنية شاملة لتشكيل اقتصاد يمني قوي تستطيع اليمن من خلاله تنمية وتطوير قدراتها واستثمار مواردها وثرواتها الاقتصادية وتعزيز قوة عملتها الوطنية وتحسين الأحوال المعيشية لمواطنيها، ونتيجة تلك الاقتصادية التقنية والمالية الفاشلة خلال العقود الماضية سعت الدولة خلال أحداث العام المنصرم 2011م للحصول على الأموال الكافية في مصارفها فلم تجده متوفراً فلجأت إلى التسكع على أبواب السفارات وأروقة المنظمات الدولية ومن الدول الصديقة والشقيقة للحصول على تلك الأموال فلن تجده إلا بشروط صعبة، ولهذا ظلت العملة الوطنية عملة ضعيفة بكل المقاييس الدولية بالنسبة إلى عملات بقية بلدان العالم، ولذا نقول أنه لا فائدة ولا جدوى من أية إجراءات أو أسياسات مالية أو نقدية مادامت اليمن تعتمد في سياساتها الاقتصادية وبشكل أساسي على الواردات الخارجية لتلبية احتياجاتها من الغذاء ومن السلع والخدمات دون تشجيع ودعم القطاعات الإنتاجية اليمنية وخصوصاً منها قطاعا الصناعة والزراعة والصناعات الاستخراجية، ففي ظل هذه السياسات الخاطئة لن يكون بمقدور اليمن التصنيع أو التصدير أو تأمين الغذاء للمواطنين. ولكي لا تبقى اليمن تعتمد على الواردات الخارجية ينبغي على حكومة الوفاق الوطني وغيرها من الحكومات القادمة العمل وبقوة على تحسين إدارة موارد الدولة الاقتصادية بأن تقوم ومعها القطاع المصرفي اليمني باعتباره وسيطاً لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بإعمال الاستثمارات في مجال الإنتاج الصناعي والزراعي وفي مجال الخدمات والإنتاج في قطاع الصناعات الاستخراجية وتنمية الموارد البشرية اليمنية، ومما لاشك فيه أن قطاعي النفط والغاز اليمني سيكونان هما من العوامل الرئيسية المهمة التي سوف تساعد على تطوير الاقتصاد اليمني الجديد وبالتالي تقوية العملة الوطنية (الريال)، وهنا يمكن الاسترشاد بنماذج وتجارب دول شرق آسيا والمصارف الأوروبية وعندئذ سوف يعزز اليمن اقتصاده وعملته الوطنية وتجعله وسيلة فاعلة ومقبولة للتعامل في تجارته الداخلية والخارجية مع الجميع.