فشلت الحكومات اليمنية المتعاقبة في إيجاد حلول وتطبيق سياسات اقتصادية طموحة تلبي آمال وتطلعات اليمنيين في رفع وتحسين مستوى حياتهم الاقتصادية، وفي تغيير أسلوب معيشتهم، وفشلت أيضاً في دعم الطلب المحلي والنقدي، فهي لم تستطع أن تطبق عملياً أية إجراءات أو ضوابط على أسعار السلع وأسعار الصرف واستعادة الثقة بالعملة الوطنية المنهارة أمام بقية العملات الأجنبية الأخرى، حيث بقي النمو الاقتصادي أسيراً لقيود رئيسية أهمها ضعف القدرة الشرائية وضعف قدرة العرض الذي أدى بدوره إلى ارتفاع معدل التضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات الرئيسية متأثراً بالعوامل والأسباب التي تمر بها البلاد. فالأحداث والحروب الأهلية التي عصفت بالبلاد عبر العقود الماضية إلى أن جاءت ثورة الشباب مطلع العام المنصرم 2011 خلّفت وراءها حالة من الجمود والركود الاقتصادي وتدهور معيشة المواطنين وتوقف العمل وخطوط الإنتاج والاستيراد والتصدير، وهذا كله كلفة جعلت اليمن واقتصاده ضعيفاً في قدراته على الوفاء بالتزاماته تجاه مواطنيه وأمام الآخرين، وينبغي أن تكون هناك إجراءات وآليات يتم بموجبها تنفيذ العديد من الحلول العاجلة وفي مقدمتها تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني باعتماد سياسات وخطط اقتصادية واضحة نحو بناء القدرات التنافسية في مجال الموارد البشرية وفي التركيز على تنافسية وزيادة الإنتاج الزراعي والصناعي من حيث الجودة والسعر والتكامل فيما بينهما، وتعزيز القدرة التنافسية لمجموعة سلع معينة تتميز بها اليمن يتم اختيارها سلفاً ودعمها للنهوض بالقطاع الخاص. صحيح أن الأوضاع الراهنة للبلاد أضعفت كثيراً الاقتصاد اليمني وجعلته على حافة الانهيار، غير أنه من الأهمية بمكان أن تحظى بعض القطاعات بأولوية في الوقت الحاضر خصوصاً القطاع المصرفي من خلال إعادة هيكلته وتطبيق سياسات مالية ونقدية بديلة ومستقلة تعمل على تطويره ليواكب متطلبات وتطورات العصر التكنولوجي وزيادة الإنتاجية والربحية، وحتى لا تظل المصارف اليمنية تدور في فلك المصارف الأجنبية ينبغي أيضاً العمل على التسريع والبدء في إقامة وإنشاء سوق الأوراق المالية (البورصة) والتي كان من المقرر إقامتها في فترة ماضية، وكذا إعطاء دور أكبر للقطاع المصرفي ليلعب دوره المعتاد كباقي دول العالم في جانب قضية التمويل باعتباره الرافد والمصدر الأول لتمويل القطاع الخاص وخصوصاً في مجال الإنتاج الزراعي والصناعي وتكاملهما لإقامة صناعات تصديرية، وهذه كلها في تقديري ثغرات لاتزال موجودة في مؤسساتنا الوطنية تعمل على إضعاف فعالية السياسات النقدية والمالية. لذا فإن حكومة الوفاق الوطني معنية اليوم بأن تقوم باتخاذ جملة من الضوابط والإجراءات والتدابير والترتيبات الخاصة لوضع وتطبيق سياسات اقتصادية (مالية ونقدية) أكثر وعياً وأماناً تقي اليمن من الأزمات وتفي باحتياجات اليمن من السلع والخدمات، وتعيد الثقة بالعملة الوطنية مقابل العملات الأخرى وإيلاء الأهمية نفسها أيضاً لتطبيق مبادئ الإدارة الرشيدة لموارد الدولة الاقتصادية وتحسين وتطوير البني الأساسية لتحسين الاقتصاد اليمني ليتمكن من الصمود ويقف على قدميه أمام الهزات المحلية والعالمية المحتملة أثنا فترة الأحداث المختلفة، كما ينبغي أن تعمل السياسات الاقتصادية اليمنية ضمن معايير وضوابط معينة حتى تستطيع الاتجاه نحو تنويع الموارد المتاحة سواء من خلال إقامة صناعات تصديرية أو من خلال الاهتمام بالعنصر البشري وتأهيله، وهذه كلها في اعتقادي خطوات مهمة جداً سوف تعمل على تدعيم الاقتصاد الوطني وتعزز أيضاً من قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.