ينبغي أن لاتضيق الصدور من النقد، وهذا مبدأ في الحياة السليمة، ولكن هل النقد أياً كان هدفه مباحاً؟ للإجابة على ذلك أعتقد أن وجهات النظر لاتختلف كثيراً حول الموضوع، وأكاد أجد شبه اجماع على أن النقد المطلوب هو الذي يهدف إلى تقويم الاعوجاج وتقديم المفيد النافع، أما مادون ذلك من أهداف النقد فإنني أجزم بأن الإجماع متوفر لرفضها، فإذا كان النقد من أجل الإساءة والتجريح والنكاية بالآخرين أو التشفي أو إثارة الفتنة أو إشاعة الكراهية والأحقاد باسم الحرية فإن ذلك مرفوض وعلى أصحاب الأقلام الناقدة أن يدركوا أن الكلمة أمانة وهي خزي وندامة إذا لم يقم الناقد بحقها ويلتزم بآدابها وأصولها وثوابتها. إن ما أقرأه أو أسمعه أو أشاهده خلال هذه المرحلة الحزينة والمأساوية من نقد لم أجد فيه غير الحقد والكراهية والحسد والفجور والجور على الوطن، ولم أجد ما ينفع الناس إلا ماندر، فلماذا تحولت القيم العليا والمثل الأخلاقية إلى نادر ومادونها أصبح هو السائد؟! إن المجتمع اليمني يرفض الحقد والكراهية والمروجين لها فلا يظن من يسيئ إلى الدين والوطن والإنسانية بأنه يصنع بطولة وأن مايقوله أو يكتبه من العنتريات ليس أكثر من سموم حقد كان في صدر البعض ووجد الفرصة لتسميم الآخرين بها دون رادع من ضمير أو مرجعية عقلية ترشده إلى النافع المفيد الذي يلتزم الثوابت الدينية والوطنية والإنسانية. إن حالة الفوضى التي تعم المجتمعات القائمة على التقليد وترديد الإملاءات لاختلاق الأوهام والأحلام وصنع العداوات وتأزيم وتسميم الحياة لن يطول أمرها وسيعود المجتمع إلى الحيز العام والهدوء والعقلانية والسلام الاجتماعي وسيدرك الذين ظلموا أنفسهم أنهم أمام كوارث صنعوها بتغييبهم لعقولهم وإطلاق العنان لعقول صناع الأزمات وتجار الحروب وأعداء الإنسانية لإحداث الفوضى، قد قلنا أن التاريخ يسجل كل صغيرة وكبيرة ولن يرحم، فلماذا الإصرار على الباطل من أجل خدمة الحاقدين على الدين والوطن والإنسانية؟ ثم ألم يحن الوقت لمراجعة التاريخ والاستفادة من عظاته وعبره؟ نأمل ذلك بإذن الله.