لم تكن المطالبة بضرورة فرض هيبة الدولة وسلطان الدستور وليدة اللحظة, فالذي يتابع ما أكتبه منذ بداية التسعينيات سيجد أن هذا المطلب ظل ثابتاً ولم يتبدل وليس خاضغاً للتغيير على الإطلاق, لأن فرض هيبة الدولة وسلطان الدستور مطلب الراغبين في الحياة المدنية التي تقودها دولة قادرة ومقتدرة لايخضع أفرادها إلاّ للدستور والقانون ولاتهدد حياتهم النزعات الفردية والأهواء السلطوية الذاتية. إن الساحة السياسية اليوم تعج بالذين يتحدثون عن الحياة المدنية ودولة النظام والقانون وهم من يظهرون بالمظاهر المسلحة ويهددون السلم الاجتماعي وهم يتحدون الدستور والقانون ويضعون أنفسهم فوق الوطن, وهم اليوم يحللون لأنفسهم مايحرمونه على الآخرين لأنهم أجازوا لأنفسهم انتهاك الأعراض والحرمات وارتكاب الكبائر والحدود الشرعية وفوق ذلك نجدهم يتكلمون عن الدولة المدنية وهم في أبشع صور الهمجية والغوغائية والعدوانية. إن مطلب فرض هيبة الدولة وسلطان الدستور لايدافع عنه إلا من يرفضون القتل والتشريد ويرفضون الإذلال والاستعباد للآخرين, ويرفضون الاستغلال والاستعلاء والعنصرية, وهؤلاء مهما تغيرت مظاهر الحياة وأنظمة الحكم يظل مطلبهم ثابتاً لايقبل الاهتزاز أو التغيير على الإطلاق, لأن هذا المطلب يحقق الإرادة الكلية للشعب وهذه الإرادة الكلية لاتأتي عبر الأهواء الفردية أو الفئوية أو الحزبية . إن فرض هيبة الدولة وسلطان الدستور يعني فرض الإرادة الشعبية الإرادة الكلية التي تستمد قوتها من الإرادة الإلهية التي لاغالب لها, أما من يرفعون شعار الدولة المدنية فإنهم مجرد أدوات تحرك وتسير ممن يرفضون الدولة المدنية ويتحدثون عن الدستور والقانون, وقد بات لزاماً على الشعب أن يدرك أن الإصرار على الشرعية الدستورية والإيمان بأن الوصول إلى السلطة لايمكن أن يتم إلا عبر الانتخابات الحرة والمباشرة عبر صناديق الاقتراع هو من أجل فرض هيبة الدولة وسلطان الدستور بإذن الله.