أحمد: أحمد طفل لم يتجاوز التسع سنوات، بدأ عامه الدراسي في مدرستي من الصف الخامس الابتدائي، طويل القامة, ضعيف البنية، يتميز بعينين واسعتين تحكيان الكثير والكثير.. كان هادئاً أكثر من اللازم، صامتاً أكثر من اللازم. استدعيت أمه وأباه لمناقشة بعض المشاكل التي تخص أحمد: (ضعف مستواه الدراسي – إهماله لواجباته – لا يستجيب لمحاولة رفع مستواه – عنيف أثناء احتكاكه بزملائه). الأم: ماذا أفعل؟ جنني هذا الولد!! يرفض المذاكرة.. يضايق أخته بل ويضربها.. يكذب عليّ دائماً، أبوه يعيرني أنني سبب تخلّفه الدراسي.. يوبخني أمام الجميع، بل إنه منعني من الخروج بسببه فأضطر أن أضربه. الأب: أنا لا أحرمه من شيء، أعمل ليل نهار، وأريده أن يكون رجلاً.. أفضل من الجميع، أولاد عمه أفضل منه دائماً من الأوائل، وعندما نجتمع مع العائلة الكل يفاخر بابنه إلا أنا، فأضطر أن أعايره بأبناء عمه حتى يخجل من نفسه. يا إلهي.. ماذا فعلتما؟!! لا يمكن أن يحمل الحب كل معاني القهر!! إنه إنسان.. روح.. يختلف عن أيٍّ منا!! لقد نجحتما في خلق إنسان عديم الثقة بنفسه ومن حوله. هدوؤه يحمل في طياته عنفاً. لقد عرضتما ابنكما إلى العنف بشكليه الجسدي (وهو الأكثر تدميراً) والإساءة الكلامية والعاطفية والتجاهل لما يريد هو ولما هو عليه. يبدأ العنف بالإساءة الكلامية ثم العاطفية عند مقارنة الطفل بأقرانه من أصحابه وأهله، وهذه أول خطوة يخسر بها الأهل التواصل مع ابنهم، فتبدأ لديه مرحلة الاكتئاب والانعزال، ولدى بعض الأطفال الاندفاع إلى الآخر ومحاولة جذب اهتمام محيطهم بأي شكل من الأشكال وبأية طريقة، وعندما لا يصل الوالدان لما يريدان يبدأ البعض العنف الجسدي مع ابنهما، وهو الأكثر تدميراً للأطفال، وبالذات بداية مرحلة الشباب. كما أن إصدار الأحكام من قبل الوالدين أثناء تعنيفهما لابنهما. (تشتي تموتني.. قتلتني) يدمر الحب الذي يكنّه الطفل لهما فيفقدا مصداقيتهما أمامه (وإن كان اتهاماً غير حقيقي) إلا أنه يحمل بذور الشعور بالذنب الذي سيتحمله الابن والابنة خلال سنواتهم القادمة (تتزايد مع استخدام الوالدين للعقاب الجسدي)، وبالتالي يدخل في دوامة متزايدة من عدم الثقة بالنفس والملل والاكتئاب. وهنا يدخل الطفل مرحلة العنف مع نفسه (تلميذ يضرب رأسه بالجدار عندما يغضب), أو مع أقرانه، وفي هذه المرحلة يكذب الأطفال ليتجنبوا العقاب لاعتقادهم أنهم على حق، أما الكبار فهم مخطئون، فيتخذون الكذب وسيلة لتمرير ما يريده الكبار دون أن ينفذوا منه شيئاً. إن سعي أولياء الأمور أن يصل ابنهم إلى الكمال هو أكبر قاتل للتحفيز، وإن اتباع كافة الطرق لكي يصل الطفل إلى الكمال بطرق مناسبة أو غير مناسبة (العقاب الجسدي والنفسي... إلخ) هو أسهل طريق ليصل الطفل إلى فقدان الثقة بنفسه، وأقصر طريق إلى الاكتئاب والعنف. جميعنا مختلفون.. مثل اختلاف بصمة أصابعنا.. وكذلك قدراتنا تختلف. يقول جان جاك غولدمان:(نود لو يكونون على صورتنا، ونود لو يكونون نسخة أخرى منا..أن نستمر فيهم بعد أن تطوى صفحتنا، ولكن فليكونوا على طبيعتهم وعلى أفضل نحو ممكن). دعوهم... حفزوا ما لديهم. وليكن أحمد.. هو أحمد ليس ابن عمه، أو ابن خاله ولا.... حتى أبيه. ادعموا ثقتهم بأنفسهم وبقدراتهم، ليس شرطاً أن يبدأ أبناؤنا طريقنا بل هم من سيكملونها. أنتظر تجاربكم على: البريد الإلكتروني:([email protected]) وصفحة الفيس بوك: www.facebook.com/amal.yoyoyo ودمتم،،