مازلت أتذكر مفاوضات بناء فندق عدن من قبل شركة فرنسية في عام 1997م وكيف أننا كمفاوضين يمنيين مع الجانب الفرنسي لم نصدق أن الفرنسيين سينجزون العمل خلال سنتين ، ويشمل الإنجاز .. الفندق كاملاً مع التشطيب والتجهيز ، بالإضافة إلى عمارتين سكنيتين في جزيرة العمال خصصتا لعمال الفندق.. يومها سمعت شخصياً وآخرون عن ما يسمى بطرق التنفيذ الجديدة ، لكننا جميعاً لم نتخيل أن هذا الأ مر يعني ببساطة تحويل موقع العمل إلى مصنع صغير ينتج الخرسانات والقوالب الجاهزة وينجز 240 عموداً خرسانياً يغوص في أعماق الطين البحري المالح، وصولاً إلى آخر منطقة صخرية متينة مهما كان بعدها. أتذكر اليوم ما كان عليه الحال في ذلك الزمن، وبعد أن تطورت طرق التنفيذ للمشاريع لتصل إلى مستويات دونها ما أراه ماثلاً أمامي في مدن الإمارات العربية المتحدة التي تتناسل فيها الأبراج بين عشية وضحاها لتثبت لنا أن العالم وصل إلى مستويات غير مسبوقة في تنفيذه المشاريع الإنشائية بأنواعها ، وأن مجرد توفر البيئة الآمنة والنظام والقانون كفيل بتغيير وجه الحياة وتأمين مئات المليارات التي ستتدفق علينا من كل حدب وصوب. أتساءل اليوم بحرقة ممزوجة بالمرارة .. هل يعقل أن طرق تنفيذ المشاريع المتطورة وقفت عند تخوم سبعينيات القرن الماضي في عاصمتي الشطرين. السابقين عدنوصنعاء؟ وأذكر بالمناسبة فندقي شيراتون وسبأ في صنعاء ، مقابل فندقي عدن وجولدمور في عدن . أستذكر هذه الحقائق بمناسبة هذا اليوم الذي نتوفر فيه على قابليات غير مسبوقة في إنجاز بنية تحتية متقدمة في زمن قياسي ، وأذكر مثلاً هاماً في مدينة دبي، حيث تم إنجاز المترو خلال ثلاث سنوات فقط، وهو مستمر الآن في إضافة خطوط حديدية.. قد يتحجج البعض بالتمويل متناسياً أو غير مدرك بأن المال يتوفر إذا تأمنت بيئة الاستثمار والحصانة القانونية للمستثمرين ، كما أنه يتوفر إذا تم إشراك المواطنين في إصلاح دنياهم ، كما فعلت تركيا الجديدة مع الجسر الأكبر لمضيق البوسفور ، والذي تم إنجازه بأموال المواطنين الأتراك في تجربة فريدة من نوعها تستحق وقفات قادمة . [email protected]