وسط كومة من المشكلات المتفاقمة والأزمات المستفحلة التي يعيشها الوطن العربي بزغ بصيصٌ من الامل, وهذه المره من فلسطين الجرح النازف في خاصرة هذا الوطن, حيث يجري الحديث بثقة وتفاؤل عن حالة من الوفاق السياسي تجمع بين رفاق الضفة والقطاع الإمارتين اللتين باعدت بينهما الثارات السياسية وهي تدار بريموت كنترول من خارج هذه الجغرافيا المحدودة، فالخصومة الفلسطينية كانت تغذيها القوى التي ظلت لردح طويل تتحكم بمصير القرار الفلسطيني او تستأثر به، وهي قوى معروفة لاتحتاج الى عبقرية لاكتشافها ابتداءً من طهران ومروراً بسوريا وانتهاءً ببعض ممالك النفط العربي. فما الذي استجد حتى يتناسى الرفاق داخل الضفة والقطاع خلافاتهم ويتنادون الى الدعوة لطي صفحة الماضي والبدء في اتخاذ اجراءات المصالحة من خلال تشكيل حكومة الوفاق الوطني، وباقي الخطوات لترتيب البيت الداخلي؟ للاجابة على مثل هذا التساؤل لابد من النظر الى مايعتمل في المنطقة من أحداث ان لم تكن زالزلاً بقوة ثماني درجات بمقياس (ريختر) الشهير !! لقد اتمد تأثير الثورات العربية من تونس وليبيا ومصر إلى القضية الفلسطينة بشكل أو بآخر ومن ناحية اخرى جعلت الفلسطينيين يقفون امام المرآة بدون مساحيق او رتوش فقد سئموا حياة الشتات في المهاجر وسئموا اكثر حياة الوصاية التي كانت تتدخل في ابسط تفاصيل حياتهم, بل في احايين كثيرة كانت تحصي انفاس الفلسطينيين وتحدد خياراتهم وأحياناً تتذوق بالنيابة عنهم إذا ماحان موعد وجباتهم وتتحدث عنهم اذا ماجاء وقت كلامهم ، الاخطر من ذلك انها كانت احياناً تفرغ رصاصاتهم من حشوتها المصوبة باتجاة العدو. اذا كان الفلسطينيون قد عاشوا النكبه الكبرى عام 1948م بكل مرارتها وكذلك هزيمة 1967م بمجمل تداعياتها فإنهم نكبوا اكثرمن ذلك في الوطن العربي ، فمن نكبة ايلول الاسود في الاردن الى مجازر المخيمات في لبنان ثم الخروج الى شتات سورياوتونس واليمن وليبيا والسودان. على ان ما يحسب للفصائل الفلسطينية في سوريا قرار الخروج من هذا البلد في الوقت المناسب وعقب الاحتجاجات الشعبية ضد النظام فقد اكتشف الفلسطينيون أنهم امام حقائق مريرة ، فإما ان يكونوا في صورة الجلاد او الضحية وأحسن ما قرره هو النأي بأنفسهم عن هذة الثنائية (المأساة) التي تعرّيهم من كونهم حركة تحرر وطني وأن يغرقوا في مستنقع ماكانوا قد تعرضوا له في مواطن الشتات السابقة. وبسبب الملهات السورية وانشغال حلفائها بدعمها فقد رفعت هذة القوى ضغوطها عن الفلسطينيين وإن مؤقتاً وهو ماساعدهم على إعادة طرح اولويات قضيتهم التي لايمكن ان يستقيم لها عود وظلها اعوج .. ومن هنا بدأ الحديث عن الحوار. اما وقد بدأ هذا الحوار فلا غرابة ان يرتفع (ترمومتر) المسؤلين الإسرائيليين فيترجمون ذلك بقصف المدن والاحياء الفلسطينيية دون استثناء وهو أمر من المهم ان لايتناسى الاشقاء في (فتح) و(حماس) أن يتصالحوا دون قفازات لأنه المخرج الوحيد لتحقيق الحلم الذي طال انتظاره.