كان أحق أن تستضيف اليمن هذا المؤتمر المتعلق بقضية القرصنة في البحر الأحمر ولكن لأن دولة الإمارات العربية المتحدة سبّاقة دوماً إلى المبادرة حول كل ما يعتمل على الساحة العربية وتحديداً منطقة الخليج والجزيرة بما في ذلك البحرين العربي والأحمر. وها هو مؤتمر القرصنة في البحر الأحمر الذي تستضيفه الشقيقة الإمارات خير دليل على هذا الاهتمام, خاصة وأن القرصنة قد ألقت بتداعياتها على أمن المنطقة والعالم باعتبار أن هذا الممر الحيوي له تأثيراته البالغة على الملاحة والتجارة الدولية. أما لماذا تخلّفت اليمن عن عقد مثل هذه المؤتمرات فذلك لأن بلادنا اكتوت كثيراً بنار القرصنة ودفعت ثمناً باهظاً لتلك الأعمال نظراً لقرب موقع اليمن الجغرافي من هذه المنطقة التي شكلت خلال الفترة المنصرمة تحدياً إضافياً على الملاحة الدولية وتحديداً دول المنطقة وبلادنا كذلك. تشير التقديرات الأولية إلى أن اليمن يتكبد خسائر فادحة تقدر بنحو ملايين الدولارات جراء تأثر الموانىء المحلية من هذه الظاهرة, فضلاً عن التأثيرات غير المباشرة التي يتعرض لها الاقتصاد الوطني. حسناً أن تدعو دولة الإمارات العربية الشقيقة بلادنا إلى هذه الفعالية التي هي على قدر كبير من الأهمية والتي يمكن لها أن تضع الكثير من المعالجات لمثل تلك الظواهر والنأي بالمنطقة عن التجاذبات الإقليمية والدولية. فللشقيقة الإمارات مواقف عروبية وأخوية صادقة تجاه الجوار الجغرافي وتحديداً تجاه اليمن حيث وقفت إلى جانبه منذ وقت طويل وكلنا نتذكر مواقف مؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان, المساندة لتنمية اليمن ويواصل هذا العطاء أبناؤه وفي مقدمتهم سمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة الذي ما انفك يولي اليمن اهتماماً خاصاً وبالذات منذ تصاعد الأزمة السياسية حيث وقفت الإمارات إلى جانب بلادنا مواقف أخوية صادقة وبذلت كل ما من شأنه أن يوصل اليمن إلى هذه الحالة من الوفاق والانتقال السلمي والسلس للسلطة، حيث كان للإمارات الاسهام البارز في المبادرة الخليجية التي كانت إحدى الدول الراعية لها وما تزال, فضلاً عن الأيادي البيضاء التي يواصل سمو الشيخ خليفة بن زايد تمثلها انسجاماً مع القيم الحضارية لشعب الإمارات في دعم أشقائه في مختلف الميادين والمجالات. وإذ يقدّر اليمن لأشقائه وأصدقائه كل الدعم والعون الذي لقيه خلال الفترة الماضية وبالذات خلال الأزمة السياسية التي عاشها لكنه يتطلع أكثر في الحاضر والمستقبل إلى المزيد من الدعم حتى تتمكن اليمن من استكمال الانتقال الهادئ والسلس للمرحلة ما بعد الانتقالية وانجاز المهام المناطة بالقيادة السياسية بزعامة الأخ المشير عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني حيث سيمكنها ذلك الدعم من انجاز تلك المهام وبنجاح كبير وتجاوز التحديات والصعوبات الماثلة وتحديداً المرتبطة بالاقتصاد الوطني ومعالجة ظواهر الفقر والبطالة والإرهاب والخروج من أسر تداعيات الأوضاع المأساوية التي تعيشها بعض دول القرن الأفريقي سواء فيما يتعلق بعملية القرصنة قبالة الشواطئ الصومالية وانسحابه على الملاحة الدولية وتحديداً اليمنية وكذلك الأوضاع المتردية في الصومال بما تلقيه من تبعات سلبية على اليمن من خلال موجات اللاجئين التي تصل يومياً إلى الشواطىء اليمنية وتلقي بظلال كئيبة على أوضاع الاقتصاد الوطني. ولا شك أن الدكتور أبوبكر القربي، وزير الخارجية يحمل إلى هذا المؤتمر ملفاً يحوي رؤية اليمن لمعالجة قضايا القرصنة في البحر الأحمر، فضلاً عن الإجابات التي تمتلكها اليمن لمخاطر الآثار المباشرة وغير المباشرة التي تتعرض لها جراء استفحال هذه الظاهرة الخطيرة ولذلك يعوّل اليمن كثيراً على نتائج هذا المؤتمر في أن يبادر إلى توفير الإمكانات التي تساهم في الحد من هذه الظاهرة وذلك في اتجاهين .. الأول يدعم الاستقرار في اليمن والثاني توفير الإمكانيات حتى تفي بلادنا بمسئوليات انعكاسات هذه المشكلات. *** وعودٌ على بدء فإنني أتذكر أن أحد الصحفيين سأل سفير دولة الإمارات العربية المتحدة بصنعاء الأستاذ عبدالله مطر المزروعي عن قلة حديثه عن الدور الإماراتي الداعم لليمن فأجاب: إن ما تقوم به الإمارات هو جزء من مسئوليتها الأخوية تجاه أشقائنا بدون منٍّ ولا أذى.