يلعب الأكراد في كلٍ من العراقوسورياوتركياوإيران لعبة ناجحة ومضمونة النتائج كالتي أوصلت أكراد العراق إلى سلطة أكبر من حكم ذاتي, حيث يرأس جلال طالباني جمهورية العراق ذات الأعراق والديانات العديدة بثقله الكردي القومي, ومسعود برزاني يرأس الإقليم الغني بالنفط ولهم عَلَم ووزارة وبرلمان, وجنس يسمى البشمرجة مزود بأسلحة أمريكية وبريطانية وفرنسية وألمانية وإسرائيلية ومازالت تتدفق إليه أنواع جديدة وحساسة باعتراف الجميع، ويبرم البرزاني اتفاقيات للتنقيب عن النفط في كركوك وغيرها رغم اعتراض الحكومة المركزية ونوري المالكي شخصياً.. وأكراد سوريا يديرون السلطة في ثماني محافظات سورية محاذية لتركيا ووقعت بعض العمليات العسكرية بينهم وبين الجيش التركي الذي أعلن رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا، أن الرئيس بشار الأسد سلم تلك المحافظات للأكراد لما حدث فيها الفراغ بسبب انشغال الجيش السوري في قتال الجيش الحر الثائر، الذي تفيد الأنباء أنه يسيطر الآن على ستين بالمائة من الأراضي السورية وأهمها حلب ومعظم دمشق. وقد احتج العراقيون بشدة على زيارة وزير خارجية تركيا لمدينة كركوك, واصفين إياها بالاستفزازية ولم يحصلوا على موافقة الحكومة المركزية في بغداد, والأتراك يتهمون حكومة بغداد بالسكوت عن تحركات حزب العمال الكردستاني التركي بقيادة عبد الله أوجلان الموجود في السجن منذ اختطافه من أوغندا بمساعدة المخابرات الإسرائيلية قبل خمسة عشر عاماً. بينما في الحقيقة يلقى أولئك الأكراد الأتراك الدعم من سلطات شمال العراق، إلى درجة أنهم يتلقون التدريبات وكل الإمداد اللوجستي من البشمرجة أي جيش كردستان العراق، وينفذون بعض العمليات ضد الجيش التركي على امتداد الحدود الجنوبية لتركيا مع العراق، وبدورهم يقوم أكراد إيران بمناوشات بين الحين والآخر في الحدود الشمالية الغربية لإيران وفق نفس السيناريو الذي أعدته الولاياتالمتحدة وإسرائيل قبل فترة طويلة سابقة لحرب الخليج الأولى بين عراق صدام حسين وملالي إيران.. ولا تخفى مخاوف أمريكا وإسرائيل من تدخل إيران في سوريا بصورة أقوى وأوضح عبر العراق، فقد كانت أمريكا والغرب وبعض دول الخليج ضغطوا على العراق لإغلاق حدوده مع سوريا من محافظة الأنبار بحجة استغلال الجيش السوري لهكذا إجراء في قتل المدنيين الفارين من الحرب, بينما الدافع الحقيقي هو منع القوات الإيرانية غير المعلنة من عبور معبر القائم العراقي إلى سوريا للقتال مع بشار الأسد العلوي المذهب, الشيعي الهوى, والتنسيق مع حزب الله اللبناني المؤيد بقوة للرئيس السوري، والقوة التي تخشاها إسرائيل وأمريكا بعد حرب صيف 2006م على لبنان التي تكبدت فيها إسرائيل أفدح الخسائر المادية والبشرية والمعنوية, وإذا سارت الأمور بهذه الوتيرة في هذه الدول فإن الخطر الذي حذر منه الكثيرون سيطال منطقة الشرق الأوسط بما فيها دول الخليج العربي.