منذ زمنٍ طويل أدمنت قراءة أربعة كتب: ما يتعلق بالبناء الروحي خاصة مخرجات مشائخ الصوفية، وما يتعلق بقيم التعايش المشترك، الروايات، والمذكرات والسير الذاتية. وما أكتبه لن أضيف فيه أية محمدة أو ملاحظة حول محتويات ملحق “كتاب في الجمهورية”، بل أضع اقتراحات لكتب أتمنى أن تجد طريقها إلى النشر في الملحق، وهي كتب رأيت فيها قيمة وفائدة. وأبدأ اقتراحاتي بكتابين جليلين هما “صناعة الحياة” و”تنظير التغيير - النظرية التكاملية للتغيير السياسي”، والأخير كتاب إلكتروني متوفر على الإنترنت، وهما للمفكر العراقي عبدالمنعم صالح العلي المعروف حركياً باسم “محمد أحمد الراشد”، وهو أبرز وأهم منظري حركة الإخوان المسلمين في الثلاثة العقود الماضية. ولن أذهب بعيداً إن قلت: لو أن قيادة وقواعد حزب الإصلاح قدمت ترجمة واقعية لكامل محتوى هذين الكتابين لكان نصف سكان الجمهورية اليمنية أعضاء ومناصرين لحزب الإصلاح، ف”الراشد” يركز في هذين الكتابين على قيم التعايش المشترك مع الآخر، والتعاون معه في صناعة الحياة، وكسبه صديقاً ويداً للبناء، بدلاً من جعله عدواً، أو تركه محايداً، ساكناً، لا يبني ولا يهدم، فضلاً عن ولع “الراشد” الكبير بالأدب والفنون التشكيلية، والرسوم، والخطوط الجمالية. وكتاب “تهذيب مدارج السالكين” للإمام ابن القيم الجوزية - رحمه الله - الذي هذبه الراشد – باسمه الحقيقي وليس الحركي – فلم أجد في حياتي كتاباً اهتم بالنقاء والبناء الروحي كهذا، أو بلغة “الراشد” في مقدمته البديعة للكتاب أن ابن القيم كتب “مدارج السالكين”، وهو في ذروة عطائه المعرفي، وصفائه الذهني، ونقائه الروحي، فلم تبلغ أيٍّ من كتب ابن القيم السابقة واللاحقة مبلغ هذا الكتاب، وتهذيبه هو الأهم؛ لأن الأصل فيه حشو، وأحاديث غير مخرجة، وإضافات غير مؤصلة. وكتاب “الإسلام بين الشرق والغرب” للمفكر والسياسي علي عزت بيجوفيتش، الرجل الذي قاد بلده “البوسنة والهرسك” إلى التحرر، وكان أول رئيس لها، والكتاب يكشف أننا أمام رجلٍ من زمن الموسوعات الكلية، وذاك أقل وصف يستحقه. وكتاب “داغستان بلدي” مذكرات الأديب والمثقف ورئيس داغستان الراحل رسول حمزاتوف، والمذكرات متنزه متكامل في الجمال والمعرفة، ورشاقة اللغة. وكتاب “جدد حياتك” للإمام محمد الغزالي - رحمه الله - الذي يعيد ترميم الجزء المتهدم من ذاتك الإنسانية العظيمة، ثم يدفعك للبناء والتجديد في نفسك، والحياة. وكتاب “الفتوحات” لسيدي الشيخ أحمد بن علوان، قطب الأمة، وريحانة الفكر الصوفي، بكل مؤلفاته: “الفتوحات” و”المهرجان” و”التوحيد الأعظم”، وقد حقق كتبه الباحث والمحقق الكبير عبدالعزيز سلطان. وكتاب “اغتيال العقل” للبروفيسور برهان غليون أستاذ العلاقات الدولية ورئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة السوربون بفرنسا منذ 35 سنة. وكتب “العرب ظاهرة صوتية” و”العالم ليس عقلاً” و”لئلا يعود هارون الرشيد” للمفكر العربي المظلوم حياً وميتاً عبدالله القصيمي، وأتمنى من الجميع قراءة إنتاجات هذا القامة السامقة بحيادية تامة. وكتابا “مشاهد من يوم القيامة” و”التصوير الفني في القرآن الكريم” لمفكر آخر ظلم حياً وميتاً هو سيد قطب، الرجل الذي لم تنصفه حتى جماعته الإسلامية، فماذا يعرف شباب “الإخوان المسلمين” عن قطب الأديب والشاعر والناقد الفني العظيم، فهذان الكتابان يكشفان أنك أمام ناقد فني موسيقي وسينمائي غير عادي. وكتاب “اليمن في عيون ناقدة” للمثقف الموسوعي عبدالباري طاهر، ففيه جهد كبير وتوثيق حصيف لكتابات رحالة ونقاد وأدباء ومفكرين زاروا اليمن وكتبوا عنها. وكتاب “الجبروت والجبار - تأملات في الدين والسلطة” لوزيرة خارجية أمريكا السابقة مادلين أولبريت، فهي تبحث عن فهم جوهر معتقد الآخر واحترامه، كطريقة مثلى للحوار والتعايش والتقارب معه، و”مادلين” في رأيي لم تكن طاعنة في السن، بل طاعنة في المعرفة، فأستاذة العلاقات الدولية في عدد من الجامعات الأمريكية، رفعت الستار عن شخصيتها الأكاديمية الغزيرة بالعلم والمعرفة، وطرق تحليلها لمشكلات العالم التي اقتربت منها، وعايشتها في فترة رئاسة “كلينتون” وكيف يمكن للآخر التجاوب مع حلولك من خلال تفهمك واحترامك لمشاعره ومعتقده أياً كان. [email protected]