إن المرحلة الحالية من الحياة السياسية تحتاج إلى التجرد المطلق من الأهواء والنزعات الفردية والفئوية والمذهبية، بل والحزبية؛ لأنها مرحلة الوفاق الوطني الذي صنعه اليمنيون بالإيمان والحكمة. ولكن يبدو أن البعض لا يهمه غير المضي في تنفيذ ما يؤمر من الداخل أو الخارج دون أن يلتفت إلى مصلحة الوطن؛ لأن ضميره قد باعه للغير وعقله سلمه للشيطان، فبات مسيراً وفق إرادة الشيطان. لقد حذرنا كثيراً من التمادي في ممارسة الزيف والكذب وتبرير الفشل، وقلنا: إن محاولة تزوير الحقائق لم ينطلِ على الشعب؛ لأن المعرفة باتت لصيقة المواطن وفي متناوله، مهما حاولت وسائل الفتنة الترويج للمكر والخداع، وقد أصبح المواطن اليوم مدركاً لحقائق الأمور، ولم تعد وسائل الإعلام قادرة على دفعه نحو الهاوية أو حجب الحقيقة عنه. إن مشهد الحياة السياسية اليوم لا يدل على وجود الرشد السياسي لدى القوى التي عرفت بعدم قدرتها على التعامل مع الديمقراطية، بل إن هذه القوى عادت إلى حالتها التي عرفها الشعب قبل الأزمة، تمارس التخاذل، وتبرر الفشل، وتستخدم وسائل المكر والتضليل دون خجل من أحد، ولم تدرك أنها تحت المجهر الشعبي والإقليمي والدولي، وأن التصرفات الغوغائية والفوضوية لم تعد تنطلي على المراقب الحصيف. إن الوفاق الوطني يحتاج إلى الصدق والامتناع المطلق عن الأفعال والأقوال الماكرة والمخادعة التي تعيق التسوية السياسية التي اختارها اليمنيون بكامل إرادتهم، وساعدهم المجتمع الإقليمي والدولي على تنفيذها. ولذلك ينبغي على القوى السياسية أن ترقى إلى مستوى وعي الشعب على أقل تقدير؛ لأن المرحلة تحتاج إلى المزيد من التلاحم في سبيل تجاوز العقبات والمؤامرات التي تحاك ضد وحدة الأرض والإنسان والدولة اليمنية الواحدة القادرة والمقتدرة. إن قول الحقيقة والاعتراف بالإخفاقات ومصارحة الشعب بكل ذلك أفضل من العودة إلى تبرير الفشل وممارسة تزوير الحقائق؛لأن الشعب لم يعد يقبل الدجل والكذب وعلى أتم الاستعداد لقبول الحقيقة والتعامل معها بما يحقق الخير ليمنٍ آمنٍٍ ومستقر وموحّد بإذن الله.