ثمة رابط عضوي وفاعل بين نجاحاتنا في تدشين مؤتمر الحوار الوطني وتوافقنا على حل مشاكلنا السياسية والفوضوية بدون صراعات دموية وتخريب متبادل للإمكانيات الاجتماعية وحرصنا على استقرار وتنمية بلادنا، ونجاحنا في كسب ثقة المجتمع الدولي وخاصة الدول المانحة التي مازالت حتى اللحظة في حالة شك بسبب المراهقات التي مازالت تسعى نحو العبث بوتيرة عالية. إذا كانت الإرادة السياسية والاجتماعية لدى الأفغان قد توافرت وحققت من النجاح ما لم نستطع نحن تحقيقه بشكل ملموس في واقع الحال فهذا يدل على أن العيب فينا، في رؤانا وتفكيرنا وطريقة تعاطينا مع الواجبات قبل الحقوق سواء كمواطنين أو سياسيين أو عسكريين أو أحزاب أو قبائل. إذا كانت لجنة التواصل مع الأحزاب والمعارضة قد عانت الكثير بسبب تعنت وجهل واستكبار وارتزاق بعض المرضى الذين لايجيدون غير الهوس وصنع الشعارات والمآسي، فياترى هل ستنجح لجنة الإعداد في التوافق فيما بينها؟ لأن الحوار والنتائج التي تتسرب منها تتحول إلى حالات من التأزم والفوضى وربما كان لها صلة بالمحاولات التي استهدفت شخص القيادي والسياسي الوطني الدكتور/ ياسين سعيد نعمان وقبله استهداف الشخصية الوطنية الدكتور/ واعد باذيب عضو حكومة الوفاق, بقصد قطع الطريق أمام مؤتمر الحوار الوطني ليتحول إلى وسيلة فاسدة مفرغة المضمون. إذا كنا مازلنا نفكر بهذه الكيفية ونسعى جاهدين بكل صلف للحيلولة دون الاستقرار الاجتماعي، والانفراج السياسي باستحداث كوارث جديدة ومشاهد تذكرنا بحروب المافيا ووسائلها القذرة فلماذا نلوم الدول المجاورة والعالم على عدم ثقته بنا وتقديره الإنساني لاحتياجاتنا الضرورية للوصول إلى مربع التعافي اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً ومؤسسياً. إن المراهنات المتعددة لإفشال المبادرة الخليجية تضعنا في مفترق الطرق إما أن نكون أو لانكون. مازال الفساد بكل أشكاله وصوره ووسائله وإمكانياته يسعى لإحباط وتشويه كل خطوة للإصلاح، مطبخ الحكومة مازال موبوءاً بالتسابق على الاستحواذ واصطناع الأتباع والشلل وعدم الاكتراث بما يتطلبه التغيير من جدية ونزاهة وكفاءة وأمانة. ليس عيباً أن نترك السلطة أو أن تلفظنا السلطة منها سلمياً أو بالقوة، العيب الحقيقي هو في تمسكنا بها إلى الدرجة التي تجعل الحياة أشبه بالغابة، تحول المجتمع إلى أداة للانتقام وتصفية الخصوم، تدفع بالوطن كله إلى مربع الحاجة والتسول الإقليمي والدولي، أليس في ذلك مايدعو إلى مراجعة الضمير والخوف من الله؟ لقد ارتسمت لليمن في أذهان الأشقاء والأصدقاء صورة مشوهة اختزلت في ملامحها الفساد والفوضى والجهل والتخلف وقلة التفكير وغياب الحكمة والتسول المزمن، عقود من العبث والفساد واصطناع الجهل وغياب النظام وفقدان مقومات التحول والتغيير، تكريس سلطة القبيلة واستحلال المال العام ونهب الثروات لن تخلق المجتمع المدني أو ترسخ قيم العدالة والمساواة والديمقراطية النظيفة والحكم الرشيد، كل ذلك لم يكن أكثر من شعارات توضع بجوار صورة الزعيم، حولت الوطن إلى حكاية ساخرة ولوحة ليس لها لون. المجتمع الدولي يدعونا إلى بناء الدولة المدنية والنظام والقانون المتبع والمنفذ من قبل الحاكم والمحكومين. يشترط بتقديم دعمه أن نحدث انتقالاً حقيقياً وسلمياً للسلطة وأجهزتها العسكرية والأمنية التي مازالت تتمترس خلف هذا أو ذاك. إلى متى نظل في مربع الارتهان لهذه المنطقة أو القبيلة أو القيادات العسكرية والأمنية؟ أليس هذا دليل جهل وتخلف وفساد وفوضى وعبث واستخفاف بحق وإرادة شعب بأكمله؟ إذا أردنا أن نكسب احترامنا لأنفسنا واحترام وتقدير الأشقاء والأصدقاء لنا وثقتهم بنا علينا أن نتخلص من الولاء العشائري والقبلي والحزبي والمناطقي حتى نعمل معاً لبناء وطن نستحقه, أما إذا بقينا على ما نحن عليه من تشرذم نفسي وبيع وارتزاق ومكايدات ومراهقات فسنخسر أنفسنا ووطننا والعالم.