لعل المهم في التغيير هو إبداء مزيد من الشجاعة وروح المبادرة في كشف الاخطاء والسلبيات والمجاهرة بها .. والاكثر اهمية التحرر النهائي من عقدة الخوف من التسلح بالموقف الثوري الانتقادي لأخطاء بعض المسؤولين عن تردي اوضاعنا ،فمهما كان نفوذ هذا المسؤول او ذاك ، فليس من صفاتنا ابداً الذل والقبول بالهوان .. ويجب أن نتعلم قول الحقيقة، مهما كانت قاسية أو مرة، ونتعلم النقد والنقد الذاتي بكل صراحة وشجاعة، كي نتعلم مواجهة المصاعب والمشقات والتغلب عليها. وأظن أن التغيير هو أمضى الأسلحة، في محاربة كل الظواهر السيئة، بما في ذلك تجاوزات البعض والخلل الإداري الموروث وشيوع مظاهر الفساد والاختلاسات وغيرها ، حيث كل هذه شوائب وتحريفات ارتبطت بالسلطة وأوصلت الشعب إلى الهاوية في جميع ميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية. وفي خضم هذه العملية الساخنة، تبرز الاهمية البالغة لتجسيد الدستور والقوانين واللوائح في إطار بناء وإعادة بناء الدولة واستكمال مؤسساتها وقوانينها وأنظمتها ، فالأمر هنا يتطلب تصحيح الاختلالات في مختلف المؤسسات والهيئات بإنشاء آلية مؤسسية مأمونة تحقق الاستقرار الاقتصادي والسياسي وترسخ الوحدة الوطنية ، ولاشك أن التغيير هو طريقنا السليم إلى ترسيخ دعائم الدولة وتجسيد الدستور والقوانين، كما ان دولة النظام والقانون هي الإطار المأمون لتحقيق التغيير المنشود، حيث لايمكن للتغيير أن يمضي بمعزل عن النظام المؤسسي للدولة المدنية الحديثة ...اي الدولة التي تقوم على قاعدة اللامركزية الادارية، وتجسيد مبدأ المشاركة الشعبية الواسعة في الحكم، التي تتيح للمواطن ممارسة حقوقه الدستورية كاملة، وتغلق بالتالي ثغرات الاثراء الشخصي غير المشروع، التي تستغلها العناصر الفاسدة في الاجهزة المركزية للدولة. وفي ظني لا يمكن لدولة بمضامين وطنية وديمقراطية راسخة ان تقوم بدون ذلك ، وليس من الممكن ابداً تنجيد الدولة وترشيد نفقاتها وتطويع إدارتها المركبة بدون هذه الدعامات. فالتغيير بمضمونه الثوري هو تجسيد حقيقي كما ينبغي أن يكون للشعار الذي نادت به الثورة طويلاً ، وهو "الحكومة القليلة النفقات" بإلغاء ابواب النفقات غير الضرورية في الميزانية العامة .. وهو ما يعني القضاء التام على العمل غير المنتج ، وخصوصاً الذي يقوم به طفيليو الدولة او ما يسمى "الغول الرسمي" والتخلص من الاوهام القائلة بضرورة الادارة الحكومية الواسعة الشبكة، وحل محلها الادارة المحلية الوطنية وتفعيلها. وليس ثمة طريق افضل من تقليص تدرج سلطة الدولة، ومركزيتها، والعمل بالادارة الذاتية الاجتماعية وانتقال المسؤلية الى الجماهير الشعبية نفسها ، بحيث نصنع "الشعب العامل بنفسه ولنفسه"، وترسيخ نظام انتخابي على جميع المستويات ، لكي يضطلع الجميع بالإدارة بالتناوب .. ولعله من السخافة ما يفعل البعض ، ممن يرفعون شعارات الديمقراطية والحكم المحلي ، ولكنهم يخافون كما يخاف الشيطان من البخور ، حين يكشفوا عن تشبثهم الارعن "بمركزيتهم" التي تتيح لهم التحكم بمصائر الناس وشؤونهم وبما يمكنهم من الاثراء والكسب غير المشروع ..! وقد حان الوقت ان نتحرر من "مرض" فرض الاحكام الجاهزة والجائرة، على نحو النظرة القائلة: إذا كان هذا الواقع لا يطابق هذه الصيغة من النظام الراهن، فإن ذلك من سوء حظ هذا الواقع ..!! (يتبع) [email protected] رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=461861337186280&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater