(1) اشتعلت النار ثانية وعادت غزة تتصدر نشرات الأخبار وتراجعت أخبار سوريا لتحتل المرتبة الثانية وكأننا أدرنا (عجلة) الزمن إلى الوراء أربع سنوات وعدنا إلى عام 2008م صحيح أن التاريخ لا يعيد نفسه كما يقول كارل ماركس “ التاريخ لا يعيد نفسه وإذا فعل فإنه في المرة الأولى مأساة عظيمة وفي المرة الثانية ملهاة مضحكة “، لكن الإنسانية تعيد نفسها وتعيد تمثيل أدوار أشخاصها ففي كل عصر لدينا هابيل وقابيل وهتلر وغاندي …الخ . فهل عاد الشيطان إلى غزة ليقوم بدوره الذي يقوم به منذ أقدم العصور؟ وحرك آلة الحرب ضد سكانها فعاد الشهداء يتساقطون من جديد ، نفس الشهداء لكن بأسماء جديدة … (2) دول الربيع العربي تم فرزها ضمن حرب غزة فعرفنا من دخلها الربيع حقاً ممن التبس علينا ربيعها بشتائها ، فالدول التي زارت غزة ضمن القصف والحرب الدائرة هناك هي دول الربيع الحقيقي ( مصر وتونس)، فرب ضارة نافعة ! . (3) .. الجلسة الطارئة لجامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية المنعقدة السبت الماضي في القاهرة كانت ذات نبرة جديدة تختلف عما ألفناه في السنين السابقة فهل لفها التغيير هي الأخرى ؟ لفت نظري بلاغة الكلمات وقصرها رغم تخللها الألفاظ العتيقة ( نشجب)…(نندد)…(نستنكر)…(نتضامن)..الخ. تحدثوا - لأول مرة- عن مراجعة لإستراتيجية التعامل العربي مع إسرائيل والنظر في عملية السلام برمتها . الحقيقة استغربت من أين هذه الألفاظ الخارجة عن القاموس العربي السياسي ؟ هل فعل الربيع العربي فعلته ؟ ربما ..دعونا نتفاءل لكن العبرة هي بخواتيم الأعمال.. (4) .. لفت نظري كلمة وزير خارجية قطر الذي صارح الجميع ، وصارحني شخصياً – وأنا السامع البعيد – لمّا قدّم الأمر للكل على طبق من صدق أننا يجب أن نقدّم لأهل غزة ما هو ممكن في أيدينا ومفيد لهم ولا نبيع لهم الوهم كما نفعل كل مرة ؟! خطاب واضح ومهم بعيداً عن العنتريات العربية التي ملأت الفضائيات وليس لها على الأرض أثر.. غزة اليوم أنطقت العرب بما لم ينطقوه منذ ستين سنة فسبحان الله.. لكن على الجهة الأخرى هناك من الوفود منْ حضر هذا الاجتماع الطارئ من باب إسقاط الفرض حتى لا يظل كرسي دولته فارغا من (جثته) المنتفخة لكي يعيد نفس الخطاب الذي ألقاه هو أو ألقاه منْ شغل نفس المنصب ذاته قبل أربعة أعوام عن نفس المناسبة وذلك بطريقة ( الخطبة الخطبة والجمعة الجمعة وعاق والديه عاق والديه) ولم أدر منْ هو (عاق والديه) هذه المرة ؟. (5) الذين ملئوا الدنيا شعارات حول كراهية إسرائيل ومعاداتها أين هم اليوم لمّا حمي الوطيس وطارت الصواريخ والطائرات في سماء غزة ؟ لماذا لم نعد نسمع منهم أحداً ؟ وتواروا في الحجاب! القول يجيده كل منْ له لسان لكن الأفعال لا يجديها إلا الرجال الذين يثبتون في ميدان المعركة عندما يهرب الجميع وهذا الميدان هو هناك على أرض الرباط في فلسطين وليس على الفضائيات .. (6) غزة اليوم وحّدت فصائل المقاومة على أرضها فكانوا مقاتلاً واحداً وسلاحا ً واحداً ضد عدوهم الأوحد. غزة اليوم طرقت أذهان العرب في كل أقطارهم لكي يكونوا صفاً واحداً ضد عدوهم الأوحد فلديهم – أي العرب – كل الإمكانيات والسبل لوقف العدوان غير التهدئة التي لن تثمر إلا حرب استنزاف طويلة بين غزة وإسرائيل. اقرؤوا التاريخ وتذكروا ما صنعتم في أكتوبر 1973م لتأخذوا منها درساً بليغاً.. أما سياسة اللجان التي تلد لجاناً تلو لجان لا تجدي في معركة مصيرية كهذه المعركة التي تخوضها غزة بل تخوضها كل فلسطين .. (7) هل أقنعت حرب غزة أن مصر تغيرت وأنها اليوم غير الأمس في قيادتها ؟ طبعاً الشعب المصري فهو نفس الشعب الذي عرفناه بل عرفه التاريخ منذ أقدم العصور.. إن مصر هي كنانة الله في أرضه وجنودها خير أجناد الأرض ، مصر هي مفتاح النصر للأمة فعندما تستيقظ مصر فالأمة كلها تستيقظ والنصر قادم إن شاء الله…