الاستفادة من تجارب الحياة وأخذ العظة والعبرة مما حدث أمر لازم في الحياة السياسية، والبعد عن المكابرة والمغامرة والمكايدة أمر أشد ضرورة لاستمرار الحياة السياسية هادئة وبعيدة عن التوترات والتشنجات والتقلبات المثيرة للقلق، والاعتراف بالأخطاء والتراجع عنها من الصفات الحميدة، والعاقل في السياسة من أدرك فن الممكن وتغلب على أهوائه ورغباته الذاتية، ومال إلى المصالح العامة للناس كافة، وروض نفسه على خدمة المصالح الكبرى للدولة، وتجرد من العصبية المقيتة، وجعل همه السكينة العامة والأمن والاستقرار ووحدة الأرض والإنسان والدولة. إن القوى السياسية في ساحة الفعل الوطني اليمني اليوم في أمسّ الحاجة إلى البعد عن المناكفة والصلف الذي جربته خلال الفترات الماضية، ولم تجن فيه غير الندم والفشل ونقمة الشعب التي تتزايد يوماً عن يوم؛ لأن الشارع اليمني لم يعد ذلك البسيط الذي يؤخذ بالعاطفة والبساطة التي كانت تستغلها القوى السياسية، ولم تعد تؤثر فيه المظاهر الزائفة أو تخدعه الأقوال المنمقة أو الشعارات الرنانة؛ لأن واقع الأزمة السياسية منذ بداية 2011م علمته المقدرة على كشف الأباطيل والادعاءات وأوصلته إلى كذب الوعود الوردية، واستطاع كشف الأقنعة التي تخفى خلفها البعض، ولم يعد ينفع مع الشعب غير الصدق، والصدق وحده. إن المشهد السياسي الملتهب اليوم ينذر بخطورة الاستقواء غير الشرعي، والتمترس خلف الأوهام والأباطيل، وافتعال الأزمات، وخلق الأعذار الواهية، والدفاع عن الفشل الذي لحق بالمرحلة الراهنة، ولم يعد المشهد السياسي يحتمل الاشتراطات الجديدة التي تطرحها بعض القوى داخل اللقاء المشترك أو الشريكة معه فيما حدث منذ بداية 2011م وحتى اليوم، وأن الدخول في الحوار دون قيد أو شرط بات الفرض العيني الذي ينبغي القيام به، وأن الالتزام بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية دون الالتفاف أو الانقلاب عليها أو الاجتهادات المثيرة للفتنة، وأن كسب ثقة الشعب لا يأتي عبر المغالطات وإلصاق التهم بالغير أو تلفيقها لتمرير التآمر على حق الشعب في امتلاك السلطة. إن الحوار الوطني.. يحتاج إلى الوضوح والشفافية المطلقة، ولا يقبل بالمراوغة والكيد السياسي؛ لأننا أمام مصير الوطن ومستقبل الأجيال، وكفى كذباً وزيفاً.. وعودة إلى الصدق الذي يعد سفينة النجاة، ولذلك ينبغي على الكافة تحمل المسؤولية التاريخية تجاه الوطن من خلال الالتزام بالصدق الذي يخلق الثقة ويجدد الأمل ويوحد العمل بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك