30 نوفمبر، يوم الاستقلال الوطني، عيد الأعياد، يوم رحيل آخر جندي بريطاني عن تراب الوطن الغالي.. نحتفل بالذكرى ال45 لعيد الاستقلال 30 نوفمبر من العام 1967م عندما أعلن الاحتلال الانجليزي عزمه الرحيل عن ما كان يُعرف بمحمية عدن في العام 1967م بعد أن جثم على الأرض اليمنية ما يقارب 128 عاماً محتلاً ومغتصباً لها وناهباً لثرواتها ومستبيحاً لخيراتها يسفك الدماء ويستبيح الأعراض ويدنس التراب اليمني الطاهر.. لكن صلابة وجبروت اليمنيين أجبرت أقوى امبراطوريات الأرض آنذاك على الرحيل باكراً عندما استقل الضابط الانجليزي الطائرة الانجليزية في 29 نوفمبر 1967م من مطار عدن صوب لندن بعد المقاومة الشرسة التي واجهت قوات الاحتلال في عدن لسنوات كانت قوات الاحتلال خلالها تحاول زرع بذور الفتنة بين رجال المقاومة وهي تحذر وتخوف من قيام حرب أهلية في حال رحيلها، لكن أبناء اليمن اثبتوا للعالم أنهم أقوياء في زمن التشرذم والضعف وأنهم يتسامون على جراحهم وفي أحلك الظروف حتى رحل الاحتلال مذموماً مدحوراً وإلى غير رجعة، ولم يمر نصف عقد من الزمن حتى بدأت مفاوضات الوحدة اليمنية في العام 1972م ليبدأ اليمنيون رحلة إعادة اللحمة وإعادة ترتيب البيت الداخلي لليمن الواحد عبر مفاوضات طويلة وشائكة أفضت أخيراً إلى قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م، وفي زمن غلب عليه طابع التشرذم والتمزق والتفكيك، في هذا الوقت العصيب من تاريخ الأمة العربية انبرى اليمنيون ليعلنوا ومن عدن عاصمة اليمن الاقتصادية قيام وحدتهم المباركة بعد أن مكث الاحتلال البريطاني فيها لما يقرب من 128 عاماً جاثماً على صدور اليمنيين في جنوب الوطن.. وبالمقابل كان حكم الفرد المستبد، الحكم الامامي الكهنوتي المتخلف يرزح على شمال الوطن ولمئات من السنين.. وها نحن نحتفل بالذكرى ال45 لرحيل المحتل الانجليزي، وبالذكرى ال50 لانتهاء حكم الأئمة، وبمرور عامين على ثورة التغيير التي انطلقت ضد الظلم والفساد والاستفراد بالحكم.. نعم إنه زمن اليمنيين وزمن التغيير الذي يقود إلى دولة المواطنة المتساوية وإلغاء حكم الفرد والتوريث، زمن التغيير الذي كان يحلم به أبناء اليمن قد تحقق ونحن على اعتاب مرحلة جديدة من عمر هذا الشعب، الذي ناضل وصبر من أجل لحظة الانعتاق وحكم نفسه بنفسه بعيداً عن قبضة الفرد وحكم الأسرة أو العائلة.. إنه زمن المواطنة المتساوية وإعادة الحقوق إلى أهلها، زمن وعصر قال فيهما شباب الوطن كلمتهم الأخيرة لا توريث ولا إقصاء ولا تهميش ولا تمييز ولا استقواء ولا عصبية لا جهوية ولا قبلية، بل هو زمن الانفتاح والتطور، زمن العلم والتنوير والعدالة الاجتماعية، زمن التغيير وإلى الأفضل، زمن التحولات العملاقة لوطن عظيم يتسع للجميع ويفتح ذراعيه لكل داعية للسلام والخير والحب والوئام والتنمية والبناء، ويرفض القهر والتسلط والتبعية ودعوات الكراهية والتفريق والتشتيت والتمزق.. إنه زمن آخر ولحظة تاريخية فاصلة في حياة شعبنا.. وهاهم اليمنيون يتجهون اليوم وبخطى ثابتة إلى رسم ملامح دولتهم المدنية الحديثة، وأول مداميك إنشاء هذه الدولة هو مؤتمر الحوار الوطني الذي على ضوء نتائجه سيقول اليمنيون كلمتهم وسوف يحددون مصيرهم وبلا وصاية من أحد، وإن غداً لناظره قريب. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك