لماذا لا نحبكم؟لأنكم لا تستطيعون أن تقهروا صورتكم الكاذبة الخاطئة في أرواحنا، سرقتم ورودنا والحقول، وتسليتم بحقول سنابلنا لأنكم لاتعرفون زراعة الورد، وكل الحقول لديكم سواء. “كنا لكم تبعاً”، وكنتم لنا تعباً.. كنا لكم أملاً، وكنتم لنا ألماً.. أنتم المارون بلا تحية حب، فلا تنتظروا لأيدينا لتصفق لألسنتكم المشققة. نحن صورتكم الحقيقية فلا تكذبوا بنا لأننا نفضح صور ربطات عنقكم. تدربون خيالنا على صنع غربة في أرواحنا، لأنكم قلتم أنكم تحبوننا وتحبون الخارطة، والخارطة أبهى من مجرد علامات ومنافذ، فهي خارطة أحلامنا. الوطن.. هذه الشجرة التي تلملم شظايا جذعها المكسور بفؤوسكم، يحاول جبر كسوره التي فعلتموها حين فعلتم، وأنتم تدركون أنا نستظل تحت أوراقه، كنتم تعتقدون أن البراعم تموت، ونسيتم الفروع التي تنبت لتقهر أمانيكم. تدربون ذاكرتنا على الكراهية لأنا قلنا إنا نحب الخارطة، لكن الكراهية للتراب لا تترافق مع الدم الذي خلق لحماية التراب والحب. الذاكرة لاتروض، ولو دربتموها على النسيان.. الذاكرة خلقت لتحيا، ولتتذكر خناجركم وجيوبكم العميقة، عمق الجحيم. ترسلون الدم والعرق إلى خارج الخارطة، لتستعذبوا صدى الدمع المهاجر كطرب أصيل ترقص عليه خيول كراهيتكم، ثم تقولون: أحبونا لأنا نحن وطنكم. غنينا “وهبناك الدم الغالي”، وغنيتم “يافرح ياسلا”، محتفين بكذبتكم الكبرى أنكم أنتم من يحمي الدم، وأنكم زارعو الفرح والسلا، وتكفل الوقت بإظهار أنه ليس فيكم رجل رشيد. الأوطان تزرع الحب، وأنتم تحبون أنفسكم بكراهيتنا نحن أصحاب الخارطة. ليتكم تعرفون الحب كما نعرفه نحن أرباب الحلم، وسادة الأمل المنتظر رحيلكم لتخلوا الخارطة من شقائكم المترصد لكل الابتسامات. كسرتم أذرعة الوطن بانتمائكم لأصواتكم، ونسيتم أن صوتنا لاينكسر بالبارود . من يحب من؟التراب يحب دمنا لأنه أغلى، ويكره صوركم لأنها لاتتحلل بمرور سنوات قساوتكم عليها. الوطن نحن، وأنتم مجرد تاريخ ستسحقه جغرافيا حبنا للخارطة.لملمتم التراب بعصيكم وحبالكم، كي يخيل لنا أن سحركم يسعى لصلاحنا، لكن السحر لا يغني و“لايفلح الساحر حيث أتى”. نحن الوطن لأننا نعرف خارطة الأمل، وأنتم ألم الخارطة التي أوجعتها تفاصيل أيامكم.الوطن نائم في رصيف ملون بدمائنا وصراخنا، لكنه ينتظر أسئلة امتحان جديد، “أو حلمة توردت على فم الوليد”.يتربى فينا حلم الأمل كما تربون فينا أنتم حلم رحيلنا.. أجدتم فن ترحيل الابتسامة والأمل والحب لكنكم لم تجيدوا فن ترحيل الذاكرة. ضعف الحالم بالحاكم، وضعف الصبر أمام اختبار لغة الخطابة المكدسة في فضائنا، فذاك يستدعي تاريخاً أكلت عليه الخرافة، وآخر يختبئ خلف كياسة واهنة لاتسمن من جوع، وهذا يجتر حديثاً لا صدى له سوى في أذنيه، وذاك يحاول جرجرة قطيع النباح، فإن تحمل عليه يلهث، وآخرون يجرون وراءهم الوراء، ليكونوا في الأمام، لكن الورائيين لايجيدون فن التقدم. نحن العابرون في كلامكم العابر، فسلام علينا حين ولدنا لنقهر أحلامكم، وسلام علينا حين نموت ببارود غيظكم، وسلام علينا حين نبعث البسمة في شفاه أجيال لاتعرف سوى خرابكم. نحن الهاربون من لعنة ملوك الطوائف، نطوف بانتظاراتنا على خيام سادة الوقت الحاضر، وسادة الأمل المرتقب، لكن الأمل لايرضع الصبر غير نفاد البصيرة. نبحث في التفاصيل عن قميص نلقيه في وجه أبينا الوطن، لكن العمى سيد الإجابات، فلا الوطن يرتد بصيراً بعد أن انقلب بصره خاسئاً، ولا دم الذئب يخفي كذب إخوتنا لأنهم لم يعودوا إخوة بعد أن رمونا في غيابة الانكسار. جربوا مرة أن تحبوا الوطن على طريقة البسطاء، لتتعلموا فن الحياة.. ولتعرفوا كم أن الحب مختلف عما تدعون. جربوا مرة أن تحبوا أبناءكم، فما تزرعون الآن سيحصدون ثماره بعد غد، “وإن غداً لناظره قريب”. رابط المقال على الفيس بوك