تعتزم جهات دولية مهتمة بشؤون الأسواق وأوضاع المستهلكين استحداث جائزة عالمية ومنحها لأفضل حكومة حققت تميزاً في إدارة أسواقها ، ويرجح مهتمون أن تكون الحكومة اليمنية هي صاحبة الحظ الاوفر في نيل الجائزة نظراً لتميزها عالمياً بهذا الشأن ومعايير الجائزة الرئيسية هي «درجة الانفتاح ، التوازن بين القدرة الشرائية واسعار السلع، حماية المستهلك». ووفقاً لتلك المقاييس ، تتميز اليمن انها حققت أعلى درجة من الانفتاح التجاري وفتحت أسواقها لكل البضائع التالفة والسلع المغشوشة والمطاردة في كل الأسواق العالمية ، ليس هذا فقط بل أن الحكومة اليمنية تقدم كافة التسهيلات وأفضلها للسلع المهربة وتعفي رجال التهريب من كل الواجبات وتقدم لهم كل وسائل الدعم الممكنة إلى حد أن بعض المهربين يستخدمون وسائل النقل الحكومية وسيارات الجيش في نقل السلع المهربة ، وهذه الميزة لاتقدمها أي دولة في العالم مهما كانت درجة تعاطفها مع المهربين ،تميز آخر يتعلق بظاهرة الغش التجاري وبهذا الخصوص تعتبر اليمن البلد الوحيد في العالم التي لا تمتلك الأجهزة الحديثة والمختبرات الفنية في منافذها الرسمية لفحص البضائع والسلع المستوردة من الخارج، ويتمثل النجاح الحقيقي للإدارة الحكومية كونها تمكنت من مسايرة نظام التجارة العالمية بإعلان هيئة للمواصفات والمقاييس بدون عمل وأعلنت قانون بدون تنفيذ. وهناك ظاهرة اخرى يعدها مراقبوا أسواق وخبراء اقتصاد ،إنها من غرائب الإدارة ونوادر ها ويحصرون الحق الفكري في ابتكارها دوليا لحكومتنا الرشيدة وهي العلاقة الانعكاسية غير المتوازنة بين القدرة الشرائية للمستهلكين وأسعار السلع ،مع ان المعلوم من أبجديات علم إدارة الاقتصاد ان العلاقة بين العاملين لابد ان تكون متناسبة فكلما زادت أسعار السلع كلما زادت القدرة الشرائية ، لكن الذي يحدث في بلاد السعيدة ان الأسعار تواصل ارتفاعها والقدرة على الشراء تواصل انخفاضها وتراجعها في علاقة مضطربة لامثيل لها حتى في البلدان الأكثر اضطرابا مثل العراق والصومال وفلسطين ، الأمر الذي أدى إلى اختلال موازنة الأسرة والفرد وأجبر النظام المجتمعي على التخلي عن التخطيط المالي والإنفاق المجدول ولم يعد بمقدور احد السيطرة على أوضاعه الاقتصادية أوالتحكم فيها وأصبح الكل يعيش حالة قلق مزمنة ،وغالبية اليمنيين يلهثون خلف احتياجاتهم الضرورية المعيشية وغالبا ماتكون السلع الاستهلاكية المتوفرة في السوق عبارة عن نفايات. إنها فعلاً نفايات مطلوب من الشركات المنتجة لها إتلافها والتخلص منها في بلد المنشأ وبتكاليف باهظة جداً ، فتقوم الشركات المنتجة بتصديرها إلى الأسواق اليمنية بسهولة وبأسعار مغرية . وبهذا تكون الإدارة الحكومية قد ألحقت الضرر بالمستهلك والمنتج المحلي في وقت واحد ، وهنا بالتحديد يتضح مستوى الإمكانات العلمية والمهارات الاقتصادية التي يمتلكها هذا البلد ، سواء في مرحلة ماقبل الثورة أومرحلة ما بعد الثورة اذ لم نلاحظ أي تغيرات بهذا الخصوص. وكون الإدارة الحكومية السابقة تمكنت من إنتاج هذا الكم من الاختلالات التدميرية في شون الاقتصاد ومازالت الحكومة الحالية قادرة على الاستمرارية في موقع الإدارة بشروط اسلافها ، فإنها بكل تأكيد حكومة رشيدة كما كان يصفها الإعلام الرسمي ولايزال. وهي من باب أولى جديرة بتكريم دولي يروج لنموذجها في إدارة شؤون الاقتصاد المتميز في زمن العولمة ، وربما تفكر الجهات القائمة على أمر الجائزة الدولية المفترضة سلفاً أن تعيد إنتاج واقعنا المعيشي بأفلام وثائقية تكون مضرب المثل على مر الأزمان . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك