منذ حين توقعت طوراً جديداً لربيع عربي يتجدد، كما لو أنه هزة مرتدة لزلزال لم يكتمل بعد، والشاهد أن قوانين المجتمعات البشرية لا تختلف عن قوانين الطبيعة ، ولهذا كان شيوخنا الأجلاء في فقه التاريخ أكثر من ربط معطيات التاريخ بنواميس الطبيعة، كما فعل شيخنا ابن خلدون في ما ذهب إليه حول أعمار الدول ، وكما فعل شيخنا ماركس فيما ذهب إليه في علم التشكيلات الإقتصادية والإجتماعية التي استوحاها من قوانين التطور الطبيعي ، بل إنه فاض على ذلك برؤية فلسفية تستمد قوانينها من الطبيعة ، ليجد في تضاعيف تلك القوانين ما يسعفه على فهم الزمن التاريخي في تحوله وثباته ، وقديماً كان الشيخ الصيني (صن تسو) أكثر البشر استغراقاً في نواميس الطبيعة ، وخاصة ما يتعلق منها بالمنعطفات والمجابهات والصراعات الحامية ، ولهذا لم يكن من باب الصدفة، ولا من باب التداعي الحر مع اللحظة أن يسمي ملحمته الكبرى ( فن الحرب ) ، والحقيقة أن هذه التسمية بالذات تعيدنا إلى ما نحن عليه وفيه الآن ، فالتحول الذي كان مأمولاً في العالم العربي، عطفاً على ربيع الآمال الواسعة يذهب بنا إلى انعطافة جديدة نشهدها الآن في مصر وتونس، وقد نراها غداً في اليمن وليبيا. ولعل سوريا ستكون أوفر حظاً لجهة اكتمال ربيعها الذي دفعت ثمنه الأكبر مسبقاً وبدون تقسيط . إذا لم يفطن قيادات المرحلة الماثلة في بلدان الربيع العربي لقانون الزلزال المرتد ، سيجدون أنفسهم في ذات المربع الذي قهر الجبابرة السابقين ، والطغاة الظالمين ، ممن استوهموا أنهم أبعد ما يكونون عن حساب التاريخ وقوانينه الغالبة . ربيع اليمن المتميز بانتقاله السلمي للسلطة ظاهراً، بحاجة إلى تحويل هذا الانتقال إلى حقيقة ملموسة ، ليس فقط من خلال الإطاحة ببضع أسماء محددة، بل من خلال التخلي العاجل عن كامل الآليات التي كانت قرينة الماضي القريب هذا أمر ملح وعاجل ، وبدون تنفيذه سنكون مرشحين لزلزال مابعد الزلزال . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك