مركز عفار الجمركي يحبط عمليتي تهريب كمية سجائر وشيش إليكترونية    في اختتام (الجولة الاولى) من دور المجموعات من بطولة. "بيسان" 2025 ..."وحدة" التربة يقلب تأخرهُ بهدف "امل " المعافر للفوز بثلاثية لهدفين    مقررة أممية: "إسرائيل" تحاول إخفاء ما يجري في غزة عن العالم    اتفاق مبدئي بين يوفنتوس وباريس على صفقة مواني    الكشف عن تفاصيل تعاقد النصر مع كومان    الاعلامي العربي محمد الدين غنيم: السامعي من ابرز الرموز الوطنية في اليمن    صعدة : شهداء وجرحى بنيران العدو السعودي بمديرية منبه    الأرصاد يتوقع توسع حالة عدم استقرار الأجواء    السفارة الهندية تعتزم نقل مكتبها القنصلي من الرياض إلى عدن    الرئيس الزُبيدي يعزي الشيخ صالح الشرفي بوفاة شقيقته    المرة الأولى.. كريستال بالاس بطل الدرع الخيرية    احتجاج القادسية.. تصعيد وخلاف قانوني    محافظ البنك المركزي يصدر قرارين بسحب تراخيص واغلاق منشأة وشركتي صرافة    تراجع أسعار الذهب مع ترقب المستثمرين للمحادثات الأمريكية الروسية    القبض على متهم هارب من العدالة في الممدارة    حضرموت: من سلطنات الحكمة إلى صحراء دفن العصبوية    قائمة دولية بأسماء مسئولين سياسيين وعسكريين ناهبي أموال الدولة    مطاوعة الجولاني البلاطجة يقتحمون الأعراس في سوريا    كل هذا لأن الشيعة يقاتلون الشقيقة اسرائيل    لجنة تمويل وتنظيم الاستيراد تبدأ أعمالها وتدعو التجار لتقديم طلباتهم لمراجعتها والبت فيها    وفاة طفلين وإصابة 5 أشخاص من أسرة واحدة بصاعقة رعدية في حجة    اكتشاف مستوطنة نادرة على قمة جبل في بيرو    5 أخطاء تحول الشاي إلى سم    أطماع بلا حدود: سطو على نفط شبوة.. واليوم يستحوذون على ستارلنك    إشادة قبلية وإعلامية بخطاب أبوعلي الحضرمي ضد الفوضى والتمرد    في خطابه التعبوي المهم .. قائد الثورة : أي تصعيد صهيوني في قطاع غزة سيفشل    اجتماع في تعز يقر آليات ضبط الأسعار ومحاسبة المخالفين    ارتفاع حصيلة الإبادة الإسرائيلية في غزة إلى 61 ألفا و430 شهيداً    مزرعة ألبان رصابة بذمار.. بين التحدي والطموح    إعلان نتيجة الدور الثاني لاختبارات الشهادة الأساسية    أشاد بجهود قيادة وكوادر شرطة المرور في الارتقاء بالعمل وتنفيذ خطط التطوير    الإرادة تصنع المستحيل    في ذكرى ميلاد المصطفى    استعدادات واسعة للاحتفاء بذكرى المولد النبوي    خلال اللقاء التحضيري لتدشين فعاليات المولد النبوي بأمانة العاصمة..    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (8)    بهدف معالجة الصعوبات والمشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي.. رئيس مجلس الشورى يلتقي وزير الصحة والبيئة    مرض الفشل الكلوي (16)    565 طالبًا وطالبة يتنافسون على 16 مقعدًا مجانيًا بالجامعة الألمانية الدولية – عدن    هاتفيًا.. المحرمي يطمئن على الأوضاع الأمنية والخدمات بحضرموت    وصية الشهيد الإعلامي أنس الشريف ابن فلسطين درة تاج المسلمين توجع القلب    استمرار اخفاء قيادي بعثي في صنعاء للاسبوع الثاني    ناشط حقوقي يتلقى تهديدات بتصفيته وأسرته ويحمّل سلطات صنعاء المسؤولية    كأس خوان غامبر: برشلونة يحرز اللقب بعد سحقه كومو الايطالي    رسوم المدارس الحكومية (المخصخصة) وحرمان الطلاب.. "مشهد من أمام بوابة مدرسة"    المحافظات المحتلة: بسبب ارتفاع الأسعار وتدهور الوضع المعيشي .. مظاهرات وعصيان مدني في حضرموت وتعز واشتباكات بين المرتزقة    استعدادا للمشاركة بكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية للمنتخب الوطني للناشئين    وداعا كريم..    وجع بحجم اليمن    إلى حضارم العزلة: خريطة حضرموت التاريخية من باب المندب إلى المهرة    شكراً للفريق السامعي الذي ألف بينهم    أحمد سيف.. الذاكرة التي لا تغيب وصوت الدولة المدنية    علماء يكتشفون أن نقص عنصر غذائي "شائع" قد يسبب الزهايمر    فوائد صحية لتناول القرفة لا يعرفها كثيرون    بالعلامة الكاملة.. نيوزيلندا في ربع النهائي    وزير الثقافة والسياحة يؤكد على أهمية الدور التنويري للمثقفين والأدباء    مهرجان القاهرة السينمائي يطلق «CAIRO'S XR»    من أين لك هذا المال؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر.. الكهنوت يقهر حلم الدولة المدنية
نشر في الجمهورية يوم 12 - 12 - 2012

صراع الإرادات الذي تحركه الايدلوجيا المتمترسة خلف حتمياتها الأبدية في فلسفة الحكم والادارة ..هي من يقود ويتحكم في المعترك السياسي في الساحة المصرية وليس ما تحاول النخب السياسية ان تصوره بلغة دبلوماسية لتغطية أبعاد الصراع فيما بينها والتي تتقاطع حد الاغتراب، وتتصادم حد الاحتراب ، ولا يغير من توصيف هذه الأزمة ظهور المعارضة بمطالبها المتواضعة متمثلة بإلغاء الإعلان الدستوري والتوافق حول دستور تتبرأ القوى المدنية من أوزاره باعتباره دستورًا دُبِّر بليلٍ من جمعيةٍ تأسيسية ‘مِنعَ القضاء من الفصل في صلاحيتها في عملية همجيةٍ أقل ما توصف بأنها كانت انقلاباً على دولة القانون.
كما ان ظهور الحكومة بوجهيها الإداري المتمثل بمؤسستي الرئاسة والحكومة، والإرشادي المتمثل بالمرشد ونائبه وجحافل الإخوان المحتشدة في كل الجبهات بمظهر المدافع عن الشريعة والشرعية والديمقراطية والتي لا تمتلك غير سلاح الصناديق الانتخابية لحسم المأزق الدستوري -على حد تعبير هذه الجماعة- فالأمر ابعد ما يكون عن الخطاب السياسي الذي يخفي مساوئه سعياً الى كسب الود من جهات خارجية تراهن عليها مصر وكثير من دول ما سمي بالربيع العربي على حساب السيادة الوطنية.
فالمعارضة تعلم أنها أمام تيارٍ انقلابي مسكونٍ بأوهام التاريخ ومحصنٍ بحائط الايدلوجيا الشمولية التي لا تفرط في حق عاد إليها بعد حرمان وغياب طويل، وبالتالي فهي أي المعارضة تخاف مستقبلاً مجهولاً لا ترغب ان تراه يسد آفاق أحلامها التي صنعتها بثورة الخامس والعشرين من يناير،... والأمر نفسه ينصرف الى دولة الإخوان التي يعتريها شبح الخوف من العودة الى ماضٍ أثقل كاهلها عقوداً من الزمن.
وأياً كان الأمر فإن الواقع يؤكد مسؤولية الإخوان باعتبارهم الطرف الأقوى والمسؤول عن صيانة ورعاية التجربة وطمأنة المعارضة بغير ذلك الخطاب الاستعلائي الذي ظهر مرعباً فيما قاله المرشد محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر، وأحد زعماء الجماعات الإسلامية الذي قال في المؤتمر الصحفي أنه سيقدم مليون شهيد احتساباً وتقرباً الى الله في سبيل حماية شرعية الرئيس محمد مرسي .
ان تصرفات الأخوان وقراراتهم هي التي أنكأت المواجع وحركت كوابح التوجس والخوف الكامن في أعماق قوى التغيير المدنية ، ليس في مصر وحدها وإنما في جميع الأقطار العربية التي تشهد تفاعلات الرغبة في تغيير انضمتها الحاكمة،.. خاصةً وأن الإخوان يبالغون في إيذاء وقهر القوى المدنية تحت حسابات الأغلبية لإجبار (من تراهم أقلية ) على الانصياع والطاعة دون ان يسمح لهم حتى بإبداء الرأي في أهم عقدٍ اجتماعي وهو الدستور الذي تعارفت على صياغته التوافقية كل المدارس الفقهية القانونية وكل الفلسفات الديمقراطية في الشعوب العريقة في نهجها الديمقراطي والتي لاتعرف غير سبيل التوافق والإجماع باعتبار الدستور أداة تجمع ولا تفرق وهو حساب دقيق لا طرح فيه ولا قسمة بل فيه جمع وحشد للثقافات والمعتقدات والمصالح للشعوب بمختلف أطيافها .
لكن الاستقواء والاستعلاء على المعارضة لإجبارها على الاستسلام تحت مبرر الأغلبية وصناديق الاقتراع فيه قدر“ من المخاطرة بقواعد السلم الاجتماعي ، خاصةً عندما يتعلق الأمر بوضع دستورٍ يحمي الأقليات أولاً باعتبارها الأولى بالرعاية قبل الأغلبية المحمية -أصلا- بقوة وجبروت وسلطة الدولة والثروة والنفوذ، فوق ذلك فإن سلطة الأغلبية لا تعني أنها مطلقة اليدين تعمل ما تشاء حسب هواها دون شراكة أو رقابة أو إشراف،.. ذلك ان أبسط قواعد الممارسة الديمقراطية تقتضي إشراك المعنيين بأي قرارٍ تريد الحكومة إصداره، باعتبار الديمقراطية ليست فقط للتباهي ليل نهار بإجراء انتخابات نزيهة أو تحقيق أغلبية، إنما هي إعطاء الشعوب دوراً في عملية اتخاذ القرار خاصة إذا ما كان الأمر يتعلق بمصيرها أو بإلغاء تقاليد راسخةً في وجدان الشعوب.
ثم هل كان المطلوب من القوى المدنية الطاعة والتسليم لجمعية تأسيسية مجهولة المصير ؟ لتخرج بدستورٍ يمثل وصفةً وصفةً للفوضى والاستبداد وتكريس سلطة الفرد ، دستور“ يقيد الحريات ويخل بمبادئ العدالة الاجتماعية ويجعل من رئيس الجمهورية حاكماً فرداً مطلقاً لا سلطان عليه ولا رقابة ولا قضاء يحمي المؤسسات والدستور من اعتداءاته كما حصل في سطوته على القضاء مرات عديدة في أشهرٍ معدودة،... فكيف سيكون الأمر في حالة دستورٍ، يمنحه كل السلطات؟، فهو - وحسب مشروع الدستور- من يختار رئيس الوزراء ، ويضع السياسة العامة للدولة ، ويرأس اجتماعات الحكومة متى شاء، وهو من يعين الموظفين وهو من يعزلهم ، وهو الذي يعين عشرة في المئة في مجلس الشورى ، ويعين رؤساء الهيئات الرقابية كلها وهو من يعين أعضاء المحكمة الدستورية العليا...الخ حزمة من الصلاحيات التنفيذية والتشريعية والقضائية في انتهاك صريح لأهم مبدأ دستوري وهو الفصل بين السلطات.
هكذا وردت صلاحية الرئيس في ثلاثة وعشرين مادة دستورية يقابلها شلل تام لصلاحية الحكومة التي لم يتجاوز عدد المواد الخاصة بها أصابع اليد الواحدة، جُلُّها من قبيل المتابعة ، والمشاركة، وإعداد المشاريع.
لقد كان ملفتاً في هذا الدستور حسب متابعتي المتواضعة ، عدم وجود نص صريح على عدم التفرقة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات،أو على التزام الدولة بالقضاء على أشكال التمييز، وحظر الدعوة الى الكراهية والتمييز على أساس ديني، أو حماية التعدد الثقافي ، أو حتى تحديد سن الطفولة.
لقد كنا نتوقع ان يكون أداء الإخوان أكثر انفتاحا على الآخر وأكثر حذرا وغير مستفز لكي تبقى لاعباً رئيسياً في قيادة التحولات الوطنية، ولكي تبدد المخاوف، وتعطي الدليل على تحررها من القيود الشمولية، لتتوجه نحو تعزيز عملية التحول الاجتماعي من خلال تسويق المفاهيم الثقافية المستوعبة لمتطلبات الحرية والانفتاح على التنوع الايدلوجي والاجتماعي بدلا من الخطاب الذي يُسَوِّق الخرافة، ويلوح بعصا الشريعة للقضاء على طموحات المجتمع المدني،... كما هو سائد” في منطق أعلى مرجعية فقهية لقوى الإسلام السياسي من إخوان وسلفيين في الخطاب الرسمي لهذه الجماعات ، ومن خلال التحريض المنهجي الداعي الى الكراهية وحشد ما يسمى المليونيات لحماية الشريعة في مجتمع كل أبنائه يؤمنون بشرائع الله المستقرة منذ آلاف السنين.
رابط المقال على الفيس بوك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.