كما هو معلوم أن الإسلام عقيدة، وشريعة، ونظام سياسي واقتصادي واجتماعي، وله رؤية خاصة لأحوال العالم، وللكون والحياة والإنسان، ولما يحدث من أحداث في الأرض، وتفسير خاص للتاريخ. وعليه فإن أحوال العالم المعاصر أصبحت بين جناحين؛ جناح عدم الفهم وجناح عدم التوعية، الأمر الذي جعلها تصاب بالهزال المتتبع للهوى والمزاج الشخصي والتعصب الجاهلي، ونحن بحاجة ماسة لتفهم الإسلام بشموليته الواسعة وفكره النير القائم على العقيدة والشريعة والأحكام الربانية والسنن التي تقول: إن الاختلاف وارد في كل عصر وحين، والصراع بين الحق والباطل موجود حتى قيام الساعة، مصداقاً لقول المولى عز وجل: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) [سورة هود - 118، 119 وإذا قرأنا أحوال العالم المعاصر قراءة متأنية فإننا نتبين ثلاثة خطوط عريضة رئيسة تقوم عليها هذه الأحوال - كما تشير الدراسات والأبحاث المعاصرة - ولعل أهمها: تمكّن أوروبا في الأرض، وسيطرتها على العالم. والسيطرة العالمية لليهود، التي تدب على معظم دول الأرض من أجل المصالح وبلوغ الأهداف ونجاح المخططات. وآخرها وهو الأهم: الضعف المزري الذي يعيشه المسلمون في الأرض، وسيطرة الأعداء على بلادهم، سواء كانت سيطرة عسكرية أو سياسية أو اقتصادية أو فكرية، أو مزيجاً من ذلك كلّه، وهوان المسلمين على أنفسهم وعلى الناس، وضياعهم وتشتتهم وقلة حيلتهم في المعركة الضارية التي يعيشها الناس اليوم في الأرض، وخاصة بعد ثورات الربيع العربي. من أجل ذلك إذا رغبنا في تغيير واقعنا السيء - الذي نعيشه اليوم - إلى واقع أفضل فلابد أن نرجع إلى السّنن الربَّانية التي يجري بمقتضاها التغيير، والتي لابد من التعرف عليها إن أردنا الاستفادة منها ابتداء بتغيير أنفسنا، مروراً بمعرفة الأحوال الحاضرة وما يترتب عليها، وانتهاء بإلقاء نظرة على المستقبل، وما يتوقع من أحواله بعين الحقيقة والصواب، بعيداً عن العصبية المقيتة العقيمة التي لا تنجب إلا الدمار والخراب للشعوب، واختيار الحلول الناجعة التي توحد الصفوف وتبني الأمم. وفي تقديري أن التوعية بأحوال العالم المعاصر، وما يتوقع أن تؤول إليه الأمور في المستقبل، هي مسألة من صميم اهتمامات الدعوة، وواجب من الواجبات المهمة الملقاة على عاتق الدعاة الذين ندبُوا أنفسهم لإيقاظ هذه الأمة وإرشادها إلى السبيل المؤدية إلى النصر بعون الله وتوفيقه..ولا تقوم لنا قائمة إلا بالتوعية والفهم العميق للواقع ومعرفة فقه الأولويات؛ إذ نبدأ بالأهم ثم المهم فالأقل أهمية، لتتوحد الجهود وتثمر النتائج والحلول كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك