منذ التوقيع على المبادرة الخليجية للتسوية السياسية في اليمن لم تشهد الحالة الداخلية انفراجاً كما شهدته مع صدور قرارات الرئيس عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية ذات الصلة بإعادة هيكلة القوات المسلّحة وفقاً للمصلحة الوطنية وعلى أسس علمية حديثة ومتطوّرة تواكب متغيرات المرحلة ودور هذه المؤسسة في القيام بواجبات الدفاع عن حدود ومقومات الوطن والنأي بها عن مخاطر تحويلها إلى وحدات تنحصر وظائفها في الدفاع عن الأشخاص والأحزاب والمكوّنات الاجتماعية ما يفقدها دورها الرئيس في الدفاع عن سيادة واستقرار الوطن وعن مكتسبات الثورة وتضحيات الشعب، فضلاً عن ترسيخ قيم العدالة والحرية والمساواة. وليس من الغرابة أن يواكب التأييد الشعبي العارم لهذه الخطوات الرئاسية مباركة الخارج الإقليمي والدولي والذي حقّق توافقاً غير مسبوق، سواء في رعاية هذه التسوية أم في ما ظهر جلياً من خلال برامج الدعم المادي واللوجيستي وكذلك في هذا الموقف الداعم للمبادرة الرئاسية إزاء إعادة هيكلة القوات المسلّحة وبما يعنيه ذلك من القدرة على تجاوز عقبة توحيد هذه المؤسسة والتي كانت تمثّل - لدى الكثيرين - حائلاً دون تأصيل اليقين بحقيقة التحوّل الحضاري الذي أنجزه الشعب اليمني والقائم على مبدأ التداول السلمي للسلطة استجابة لمطالب الشعب في التغيير الجذري الشامل. لقد أثبت الأخ المناضل الرئيس عبدربه منصور هادي بإصداره تلك القرارات المهمة أنه صادق في توجُّهاته لإعادة ترتيب البيت اليمني من الداخل وبصورة عقلانية غير انفعالية، ومتأنية دون استعجال، وبعقلية منفتحة ومستوعبة ظروف وتعقيدات الواقع المعاش، فضلاً عن أن هذه القرارات التي حظيت بالتأييد الداخلي والخارجي جاءت مُلبية لتطلُّعات الشارع اليمني ومستجيبة - في نفس الوقت – لمضامين النقاط العشرين التي وضعتها اللجنة الفنية أمام فخامة الأخ رئيس الجمهورية منذ فترة والتي ستُسهم أساساً في التهيئة الجيدة والفاعلة لبدء الحوار الوطني الذي سيكون هو الآخر بمثابة علامة فارقة في تأريخ اليمن المعاصر. ولا شك أن هذا الزخم في تأييد القرارات الرئاسية بشأن إعادة هيكلة القوات المسلّحة سوف يكون كذلك بمثابة زاد إضافي يساعد الأخ رئيس الجمهورية على اتخاذ المزيد من القرارات ذات الصلة بالإصلاحات الجوهرية في بنية النظام وبما يلبّي تطلُّعات التغيير وعلى مستوى ساحات الوطن دون استثناء، بل إن المدد الخارجي في تأييد هذه الخطوات – هو الآخر – يصب في مجرى استكمال إنجاز ما تبقّى من تنفيذ المبادرة الخليجية المزمنة، بل إن ثمة علاقة جدلية في تحفيز وإنضاج التسوية السياسية التي لا تقتصر بدورها على مباركة وتأييد الخارج فحسب وإنما بتأمين مناخات إضافية لتذليل أية عقبات قد تطرأ على المشهد الحواري، حيث يتضح ذلك جلياً في اللقاءات التي تمّت والتي ستتم بين مجموعات من الحراك وكل من الرعاة الخليجيين والأسرة الدولية الداعمة لمبادرة التسوية؛ وذلك بهدف تشجيع كافة الأطراف المعنية على الدخول إلى الحوار باعتباره الوسيلة الحضارية المثلى لطرح مختلف الآراء والقضايا مهما اتسعت أو تباينت وجهات النظر إزاءها. واستخلاصاً لدلالات مثل هذه القرارات المهمة وفي هذا الظرف الاستثنائي الذي يمر به اليمن؛ يمكن التأكيد – بالإضافة إلى كل ما سبق – على أهمية إعادة الثقة والعلاقة بين قطاعات الشعب والمؤسسة الدفاعية التي تحوّلت مهامها – للأسف الشديد – في الفترة الماضية من التموضع على الحدود لحماية سيادة واستقلال الوطن إلى مجرد وحدات لحماية أطراف بعينها أو الدخول كطرفٍ في المنازعات بين الأفراد داخل المجتمع ما أثّر كثيراً في علاقتها مع المجتمع. إذ ان مثل هذه الإصلاحات الهيكلية في مؤسسة الدفاع سوف تزيل هذا اللبس سواء في مؤسسة الدفاع أم في منظومة الأمن الداخلي الذي يُتوقّع أن تبدأ انطلاقة إعادة هيكلته خلال الأيام القليلة القادمة وبما يتماشى مع جهود الرئيس عبدربه منصور هادي في استكمال ترجمة مضامين المبادرة الخليجية، فضلاً عن استجابته الأمينة والصادقة لمتطلبات التغيير الشامل؛ وهو ما استحق عليه كل هذا الثناء والتقدير والإكبار لخطواته الوطنية غير المسبوقة. رابط المقال على الفيس بوك