لفت نظري وأنا عائد الى منزلي ظهيرة أحد الايام الماضية توقف حركة السير وبشكل كامل في شارع الستين في العاصمة صنعاء وعند الاستفسار عن المتسبب في هذه الزحمة المرورية قيل لنا ان «المهمشين» قطعوا الشارع في مظاهرة حاشدة ليس لتسوية أوضاعهم الوظيفية والمالية والحقوقية كما صنعوا سابقا ولكن هذه المرة لإيصال صوتهم الى رئيس الجمهورية وذلك لإشراكهم في مؤتمر الحوار الوطني القادم وتحديد حصة لتمثيلهم وهذا طبعا مطلب قانوني ولهم كامل الحق بالتمتع بحقوق المواطنة المتساوية في ظل دولة مدنية حديثة ألغت الفوارق بين الطبقات لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى وبما يبذله ويقدمه من جهود وتضحيات في بناء وطنه وخدمة أمته. ولكن هل فعلا إن فئة «المهمشين» محصورون بهذه الفئة والشريحة من المواطنين أم ان هناك فئات كثيرة مهمشة ولكنها صامتة مثل العلماء والتجار وكثير من المواطنين والفئات المستقلة التي لم تنتم إلى أحد الأحزاب أو الجماعات المشاركة في حكومة الوفاق أو المعارضة لها وكذلك الأحزاب الناشئة بعد ثورات الربيع العربي وعددها في اليمن قد يتجاوز 11حزبا سياسيا لم يمثل في مؤتمر الحوار عدا حزب واحد هو تنظيم العدالة والبناء . أعتقد جازما ان فئات كثيرة من المواطنين من مختلف الشرائح والأطياف قد وصلوا الى قناعة تامة ان نظام الحكم “ العسقبلي” الذي حكم اليمن لأكثر من ثلاثة عقود قد همش وأقصى كثيراً من فئات الشعب من قوى التنوير وأصحاب الكفاءات والمؤهلات العلمية والأكاديمية وفتح الباب على مصراعيه للقوى الانتهازية والنفعية للتغلغل في مفاصل الدولة والاستحواذ على المناصب والامتيازات والتوكيلات التجارية وجمعوا بين الاختين حين تقلدوا المناصب السياسية والعسكرية ومارسوا الأنشطة التجارة والاستثمارية والتي حرمت هذا الجمع جميع الدساتير والتشريعات ولكنها مورست في اليمن وبشكل علني ولعقود مضت . على قيادة الدولة الجديدة والتي نثق بها تمام الثقة أن تنظر الى جميع أبناء الوطن بعين الرضا والمساواة بغض النظر عن انتماءاتهم المناطقية أو الحزبية أو المذهبية فالجميع يجب ان تتاح لهم نفس الفرص في التعليم والصحة وتحمل المسئولية وشغل الوظيفة العامة وفق معيار الكفاءة والنزاهة. ثقافة الإقصاء والتهميش ثقافة منبوذة حذرت منها الأديان والشرائع السماوية والأعراف الانسانية ووجودها في مجتمع يعني وجود خلل خطير وجسيم يجب معالجته فورا وإزالة مسبباته والتخلص من آثاره الحالية والمستقبلية. على فئة المهمشين في اليمن بسبب العرق أو اللون العمل والسعي للاندماج في المجتمع ومشاركته نشاطاته وفعالياته ومناسباته والدفع بأبنائهم نحو التعليم وعلى الدولة ممثلة بالسلطات المحلية ومنظمات المجتمع المدني وعلماء الدين تلمس احتياجات هذه الفئة وتلبية مطالبها الحقوقية وتنمية تجمعاتها ومناطقها والعمل على تسريع اندماجهم في المجتمع بوتيرة عالية وذلك بتوفير المدارس والوحدات الصحية في مناطق سكن هذه الفئات والأهم من هذا كله اشراكهم في العملية السياسية وكسر حاجز العزله عن هذه الفئة مسئولية مشتركة بين الدولة والمجتمع والمهمشين انفسهم . Email :[email protected] رابط المقال على الفيس بوك