كانت لفتة كريمة من رئيس الجمهورية لأولئك الجنود الذين ضبطوا شحنة الأسلحة في مدينة حيس، بأن كرمهم مادياً ومعنوياً ، فهم عندما قاموا بواجبهم الوطني، لم يكن في خلدهم أو أحد منهم أنهم سينالون هذا التكريم وبهذا المستوى الرفيع أي على يد رئيس الجمهورية شخصياً، كما أنهم لم يحلموا يومها أنهم أيضاً سيحصلون على أوسمة تزين صدورهم وتطرز بها بدلاتهم العسكرية وكذلك أن يترقوا رتبتين دفعة واحدة، كما أظن وبعض الظن إثم إنهم ما تصوروا حينها أن يستلم كل واحدٍ منهم مليون ريال مكافأة على واجبهم الوطني، وللعلم إن راتبهم بالكاد يكفي لسد رمقهم وإعالة أسرهم. لكن الأهم من ذلك كله، هو ما بعد هذا التكريم لكل أولئك الجنود في طول البلاد وعرضها، سواءً كانوا من خفر السواحل أو من النقاط الأمنية في المطارات والموانئ والمداخل الحدودية والمنافذ الجمركية، ممن سيقومون بنفس العمل ويؤدون هكذا واجباً، فيحرسون البلاد ويحفظون أمنها من كل دخيل يتربص بنا دوائر السوء، وهم ليسوا بالقليل عدداً وعدة، ولديهم من الحيل والوسائل والأساليب ما يمكنهم من بلوغ غاياتهم والوصول إلى أهدافهم الخبيثة، والمبيتة مسبقاً. وإذا كان لكل شيء ثمن فما هو الثمن الذي سندفعه لهؤلاء من أجل حفظ البلاد والعباد وحتى تتكرر نفس الصورة المشرقة، إذا واجهتنا المشكلة ذاتها أو مثيلة لها، إذا كنا نريد أن نعرف ونقدر ما يجب وينبغي علينا أن ندفعه لكل هؤلاء الجنود، فعلينا أن ننظر إلى الأمر من زاوية أخرى، أقصد ماهي كلفة دخول ومرور مثل هذه الحاويات والشاحنات على كل أبناء الشعب اليمني وما ستنتج عنها من أضرار مادية وبشرية، إضافة إلى تدهور سمعة بلادنا دولياً وإقليمياً. ولتكتمل الصورة وتتضح الرؤية بدون دخان أو ضباب، إليكم هذه الأرقام وما تحمل من دلالات من بين صفحات وسطور صحيفة الجمهورية. 2 ديسمبر العدد 15688 ضبط 566 جريمة جمركية خلال 10 أشهر. توزعت بين الأسلحة والذخائر والتهرب الضريبي والمخدرات. 28ديسمبر العدد :15714: 360 مليون دولار خسائر اليمن الشهرية نتيجة تفجير أنابيب النفط. 29ديسمبر العدد 15715: حرس الحدود يضبط سفينة مشبوهة على بعد 3أميال بحرية من ميناء ميدي في حجة، وفي نفس العدد: ميناء الحديدة 5سنوات على النهاية وجاء في الخبر تفشي العديد من المضبوطات التي تم تحريزها عبر الميناء وكلها بضائع مهربة وبعضها أخطر من بعض وخاصة فيما يتعلق بالأسلحة والمعدات العسكرية والألعاب النارية والحشيش، وأخيراً شحنة الكوكايين التي يتجاوز ثمنها 100مليون دولار، وكذلك ضبط حاويات بها آثار كانت معدة للتصدير خارج البلاد. هذه نماذج لما عليه حال وطننا الحبيب وما يحتاجه من جهود جبارة وانتباه شديد ويقظة متواصلة لا تعرف الفتور ولا يتسلل إليها الكلل، وهذه القضية لا تتعلق برجال الأمن وحدهم بل تتعداهم إلى كافة شرائح المجتمع بلا استثناء وكل القوى الوطنية الفاعلة، ولذا لابد من وضع آلية عملية تجعل كل هؤلاء الرجال البواسل بنفس الحيطة والحذر والترصد لما كان عليه جنود نقطة حيس، وذلك من خلال رفع رواتبهم الشهرية وعلاواتهم السنوية واعتماد إكرامية مناسبة لهم، وكذا تحسين وضعهم الصحي والمعيشي والتعليمي، إضافة إلى ما سبق على الدولة رعاية كاملة شاملة لمن يتوفى منهم أثناء تأدية واجبه الوطني. رابط المقال على الفيس بوك