“ الحياة مشروع نضع تخطيطاته منذ أن نبدأ الوجدان وندري ما نفعل ، أو هي خارطة نأخذ في رسمها مدى سبعين سنة أو أكثر، فنحن مسئولون عن إتمام هذا المشروع أو رسم هذه الخارطة ،ومع أننا نعرف من السيكولوجية الحديثة أن سلطة الأبوين ووسط العائلة وطراز المجتمع الذي نعيش فيه وتراثنا البيولوجي ، نعرف أن لكل هذه أثر في تكويننا وتوجيهنا فإن النظر إلى أن الحياة باعتبارها مشروعا يخطط أو خارطة ترسم يستحق الاعتبار... “، هذا ما اختزله سلامة موسى عن الحياة كمشروع فما بالك حينما يكون هذا المشروع مدرسة وطلابها وأساتذتها مشاريع أخرى ، كيف ستحتوي السطور بحور المعاني في حياة لم تتوقف عجلتها بعد ؟! ست عشرة سنة على مقاعد الدراسة وبين ردحات الكتب وقبلها بين ذراعي الوالدين وبعدها في مدرسة الحياة الأوسع (العمل والأسرة ) والحياة لا تمل من رشقنا بالدروس من كل جانب ؛ تلك الدروس التي قد لا يعيها البعض إلا تحت حلكة الظلام والألم أكثر الأحيان ، حينها فقط تعترف النفس البشرية بأن هؤلاء علموني... لم يعد الأشخاص هم تلك العناوين العريضة لدروس الحياة المباغتة بل هي تلك الأشياء التي يتقنها البعض ويفتقدها البعض الآخر ، فالحزن مثلا فالليالي وحدها شاهدة لحالاته و مسبباته، وما أفرزته نكبات الحياة من مآس وآهات أحرقت القلب و جعلته و حيداً يصارع رياح التغيرات ! الحزن درسا قاسٍياً يعلمنا بأن الحل ليس بأن تترك وتهجر المشكلة ،بل بان تضع حدا للنهاية بكل صفاتها..فلا تجعل حبل يربطك بالماضي إن كان مؤلماً أو مؤرقاً أو بمن كان فيه,,و أن تستعد لتعيش حياة جديدة و بنفس جديد,, فقط لا تحمل من ذكريات الماضي أي شيء لتعي أنك منتصر في كل المراحل ، وابنِ للأمل قصرا في الروح ليكن بمثابة منفىً إذا ما اشتدت الرياح صوبك .... المطر هو الآخر درساً غزيراً لا يحتويه إلا ذاك الشوق الدفين الذي يُلهب الأرض لماء السماء فتلتقيان في رخاء ، المطر علّمني أن السماء رئة حين يخنقنا الطين .. علمني أيضا أن الإفراط في الأشياء يُنجب الأضداد فالمطر يجلب الكوارث حينما يشتد كذلك للمعاني الجميلة فالإفراط بالوفاء يجلب الخديعة ، والإفراط بالطيبة يولّد القسوة والجفاف ! أجمل درس تلقيته في حياتي كان حصيلة تجارب قاسية ومؤلمة أكثر الأحيان ويتلخص بأن لا أحد يستطيع أن يحظى بكل شيء ، خاصة حب الجميع له لكن من الجميل لو أستطاع أن يكسب احترام خصومه أيضا إلى جانب احترام محبيه ،ولطالما ارتبطت الفروسية والمنازلات التي كانت تحدث بين الفرسان بالشهامة والنُبل والمروءة بين الخصم والخصم الآخر ، فكم هو جميل أن يكون لك خصم نبيل عوضاً عن صديق نذل ، وكم هو أجمل أن تتبادل الاحترام مع خصومك عوضاً عن تبادل النفاق مع أصدقائك، ولكن الأجمل دائماً أن تحظى باحترام الخصوم والأصدقاء في آن واحد... وباختصار ودون ذكاء نحن بحاجة فقط إلى قلب جميل يحمل روح أجمل حتى نستطيع رؤية الكون بألوانها الحقيقية وإن لم تكن جميلة وزاهية أكثر الأحيان... الكثير من الأشياء على الهامش والتي تكون من حولنا تمنحها الحياة أسرارا تجعل منها عناوين عريضة لما لم يكن يوما بالحسبان ، ما علينا فقط هو التفكير مليا والغرق في النتائج الجيدة والسيئة لقياس مدى استيعابنا للدروس المتوالية من الحياة ، حينها فقط سنلمس تغييرا ايجابيا في مشوار الحياة الطويل وسيكون للنجاح حظا أكبر في محطات الحياة الصعبة .. رابط المقال على الفيس بوك