عادة ما تقوم الفنون بدور أساسي في تهذيب النفس البشرية .. ورفع مستوى ذوق الإنسان وتنمية إحساسه بالجمال في مختلف المراحل العمرية .. بل لقد أثبت العلم أن الجنين في بطن أمه يتأثر إما بصورة إيجابية أو سلبية .. وفقاً لما يستمع إليه من الأنواع الموسيقية .. وذلك ينعكس على سلوكه وأسلوب حركته نتيجة لتلك المؤثرات الخارجية .. وكما أن لفن الموسيقى هذا الدور وهذا التأثير .. فللأنواع الأخرى من الفنون إلى جانب الموسيقى دورها وتأثيرها على الأذواق والسلوكيات بشكل كبير .. سواء بالنسبة للأطفال والشباب أو الكبار .. وكذلك الكهول بمختلف الأعمار .. فالفنون هي أولى الوسائل لتثقيف الشعوب وهي أداة الإنسان لإبداع الجمال .. وتقديم مظاهره التي يدركها الحس الإنساني في مختلف الأشكال .. ولهذا فهي مطلب ضروري للإنسان .. كما هو حال المعرفة لإنارة الأذهان .. وتفسير مختلف المظاهر في كل أوان .. إضافة إلى أن الفنون تعتبر نشاطاً فكرياً وإبداعياً يسجل وعي الإنسان بالجمال وفقاً لاختلاف الأجناس والحضارات .. واختلاف الأذواق والثقافات .. وكما تقوم الفنون بتهذيب الطباع وإثراء الوجدان وصقل الشخصية .. فهي أيضاً تقوم بالعمل على نضوج عقلية الفرد وتوسيع مداركه وإثراء حصيلته الثقافية .. ولها القدرة على تشكيل سلوكيات الإنسان الاجتماعية والفكرية .. كما أن للفنون بأنواعها قديماً وحديثاً وظيفة اجتماعية وحيوية .. تثري وجدان الإنسان وتدعوه إما للتأمل أو للتفكير .. هذه القيمة الكبيرة للفنون المختلفة جعلت الشعوب ذات الحضارة والفكر المستنير .. تقبل على تذوق تلك الفنون من خلال الاهتمام بتنمية الحس الجمالي وكذلك الإقبال الكبير على كل ما يصقل الحس ويغذي المشاعر الإنسانية .. وتلك دلائل على سمو مرتبة هذه الشعوب الحضارية .. حيث تضع الفن على قدم المساواة مع الفلسفة .. لأن كلاهما يخضع لمفعول العقل ، يتطوران مع الزمن وكلاهما من وسائل المعرفة .. ألا يشكل كل ذلك دافعاً للمعنيين وللجهات المعنية ذات العلاقة .. في يمن الحكمة والحضارة العريقة .. وفي صدارتها وزارة التعليم العالي ، ووزارة الثقافة ، ووزارة التربية والتعليم ، والجامعات الوطنية في كل من صنعاء وعدن وتعز وحضرموت وغيرها للاهتمام بهذا الشأن الذي يتعلق بتهذيب نفوس وأذواق وسلوكيات الأجيال .. سواء الشباب أو الأطفال .. وإثراء وجدانهم وصقل شخصياتهم وتنمية أحاسيسهم بالجمال ..؟ وكذلك الحد من تفشي الظواهر والثقافات المقيتة والسلوكيات غير السوية .. كالتطرف والعنف والكراهية .. فالشباب هم نصف الحاضر ومظهر الحياة فيه .. وهم كل المستقبل وصناع الحياة فيه .. على أي الأحوال ستظل آمالنا كبيرة في أن تنال الفنون المختلفة اهتمام تلك الجهات .. بحيث تتم إضافتها نظرياً وعملياً كدروس ونشاطات إلى المناهج الدراسية في المدارس ، والمبادرة بإنشاء كليات للفنون بالجامعات .. بدءاً باستكمال إجراءات إنشاء كلية الفنون والتراث الشعبي بالجامعة الأم ( جامعة صنعاء ) وهو المشروع الذي تعثر استكمال تنفيذه بسبب إحباطات وعرقلة بعض الحرس القديم .. أعداء العلم والإبداع وأرباب التفكير العقيم .. الذين يعرقلون كل مشروع حضاري ولا يفقهون أهمية الإبداع و الفنون الراقية التي أصبحت تشكل أحد مكونات العديد من المجالات العلمية والتربوية والعلاجية .. فالاهتمام بتأسيس هذه الكلية وما يماثلها – دون شك – يشكل خطوة متقدمة على طريق تأسيس البنية التحتية لتعليم الفنون الإبداعية .. لإثراء الساحة اليمنية بالمبدعين المؤهلين ليتهيأ لهذه الأجيال المناخ المناسب الذي يمكنها من إثراء وجدانها ومعارفها .. وتوسيع آفاق مداركها .. وذلك من خلال القدرة على تذوق الفنون وتوظيفها في مختلف المجالات الإنسانية والوطنية .. وهي الميزة التي يكتسبها الإنسان بالتجربة والمران والدراسة والممارسة العملية .. وحتى تُزرع في نفوس الأجيال قيم الجمال والحب والتسامح والحوار والانتماء الوطني والقبول بالآخر ، لا قيم التطرف والعنف التي نعاني منها في ربوع بلادنا الغالية .. وتلك هي القضية. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك