(إن الله جميل يحب الجمال). تنطلق نظرة الإسلام للجمال من طبيعة التصور الإسلامي للإنسان والكون والحياة، “فهو التصور الذي لا يأخذ جانباً من الوجود ويدع جانباً آخر وإنما يأخذ الوجود كله بمادياته وروحانياته ومعنوياته” ،.”فالله قد أنشأ الجمال في ملكوته، ورسمه في مسرح كونه، ونحته في قوام الإنسان والخلائق، وكتبه في قرآنه العظيم” . كما أن الإسلام يوجّه البشر إلى إرهاف الحس والوجدان والإقبال على الجمال معبّرين عنه ، مستجيبين لنداء الفطرة الإنسانية التي تعشق الجمال، وتتطلع إليه النفس؛ لذلك فقد جاء منهاج القرآن الكريم في عرض الظواهر الكونية يدعو إلى توكيد حقيقة الجمال الكامنة في الوجدان البشري، تلبية للغريزة الجمالية الفطرية في الإنسان. بخلاف الأديان كلها، اختار الله أن تكون معجزة الإسلام، معجزة جمالية، متمثلة في القرآن الكريم، الذي خاطب الناس من خلال الجمال، في العبارات والإيقاع والصور الفنية، وهي قاعدة التعبير فيه، كما يدعو الإسلام الإنسان إلى التأمل والاستمتاع بالجمال ، قال جل ثناؤه في ذكر الأنعام :«ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون”[النحل :6] ، وفي جمال الكون والطبيعة قال الله تعال : «إنا جعلنا ما على الأرض زينةً لها”[الكهف:7]، أما عن الجمال المعنوي وجمال العلاقات، فقد جاء في قوله جل ثناؤه : « فاصبر صبراً جميلاً”[المعارج:7]، وفي قوله تعالى أيضا:”فاصفح الصفح الجميل”[الحجر:85]. وغيرها من الآيات الكريمة التي تحث على الجمال وترغب فيه، وعليه فالإسلام يدعو الإنسان ويحثّه على طلب الجمال وتذوقه وإبداعه؛ لأنه يرى حينئذٍ من ورائه جمال الله وجلاله” ، فإذا كانت الفنون الجميلة التي تبدعها أيادي الفنانين تؤثر في نفوس البشر أيما تأثير، فكيف بإبداع الخالق المصور سبحانه، مبدع الجمال في خلق الإنسان والكون والمخلوقات. لقد زخرت الحضارة الإسلامية، ومنها اليمن، برصيد فنّي عظيم ، عبّر فيها الفنان اليمني والمسلم عن إحساسه وتفاعله مع الجمال، سواء في الشعر أو الزخرفة أو الخط أو الرسم ، وكذا في الفنون التطبيقية المختلفة ، “ فالفن في الإسلام ليس للفن، ولا للهو والترف، بل هو وسيلة هداية وتهذيب وأسلوب حياة ينبغي أن يدركها الفنان المبدع والمتلقي المبدع، فالفن سبيل من السبل التي تدفع الإنسان إلى حياة دنيوية أكثر أخلاقا ونبلا وسلاما، وحياة دينية أكثر سموا وصفاء وسكينة. هوامش 1 محمد قطب: منهج الفن الإسلامي ، مرجع سابق ، ص13. 2 عماد الدين خليل : في النقد الإسلامي المعاصر ، ط1 ، بيروت ، مؤسسة الرسالة ، 1972، ص 39. 3 المرجع السابق : ص117. 4 سيد قطب: في ظلال القرآن ، ط1 ، القاهرة ، دار الشروق ، 1985 ، ص2809. رابط المقال على الفيس بوك