من وصايا الحكماء سابقا: “إذا نظرت إلى المرآة وكانت صورتك حسنة فتحر ألا تضيف إلى الحسن سوءاً، أما إذا كانت سيئة فتحر ألا تضيف سوءاً إلى السوء”! لا أدري ما موقف الرجل الأنيق “جنتلمان” معالي وزير الإعلام الأستاذ علي العمراني وهو يرى تلك المناظر المقززة التي تبعث على الغثيان والاشمئزاز في أغلب فضائياتنا الخاصة والتي تزيد الصورة اليمنية سوءاً إلى سوئها، سواء في الداخل أو الخارج، والمتمثلة في نشر بعض المقاطع التي تصاحب النشرات الإخبارية أو التقارير اليومية الميدانية أو حتى المناسبات العامة والتي تحتوي على مظاهر هي غاية في القبح والتخلف الذي نكاد ننفرد به نحن اليمنيين فقط دون غيرنا في المنطقة كمظاهر تناول القات واعتلافه بتلك الطريقة، أو إظهار نشر صور لمرافقين بالسلاح وبالزي القبلي الرث الذي عرف به كثير من المرافقين والذي يعتبره هؤلاء جزءاً من الرجولة المكتملة التي تبعث على الهيبة في نفوس الخصوم خاصة إذا ما صحبها قليل من “الهنجمة” التي تعتبر جزءاً من مكملات شخصية المرافق ذي الشعر المنتفش والكوت المتسخ!! في الواقع قد لا تثير مثل هذه المناظر أية حساسية أو امتعاض لدى الكثير من أبناء اليمن في الداخل نظراً لأنها صارت جزءاً من المشهد اليومي العام وجزءاً من ذواتنا للأسف الشديد فتأقلم الجميع معها، لكنه يتألم كثيراً جداً إذا ما وجد نفسه خارج اليمن وخاصة في بعض الدول المتمدنة وكلها متمدنة في الغالب ودفعه فضوله أو حسه الوطني لمتابعة أخبار بلاده وهو يرى تلك المناظر المزعجة والمقززة، أما إذا كان بين جماعة من أصدقائه عرب أو أجانب فإنه لا يستطيع إخفاء حمرة الخجل التي تعلو وجهه خاصة إذا ما أخذ هؤلاء في التندر عليه أو على بلده وهم يرون “متاحف متحركة” من العصور الغابرة بهيئات لا تتحملها الحيوانات المدللة في بلاد الله!! إلى وقت قريب وأنا كثير انتقاد على مناظر وهيئات بعض البرلمانيين اليمنيين بتلك العصائب التي تعلو رؤوس بعضهم أو عدم ترتيب البعض منهم هيئته التي تليق بمنصبه، لكن بعد ظهور القنوات الخاصة ونشر تلك المناظر التي لا تسر الناظر وجدتني أتخفف قليلا من الألم النفسي الذي يعتريني تجاه هؤلاء قياسا إلى ما تنشره هذه الفضائيات، وإنني لأتعجب كثيراً حين يلزمون الطفل في المدرسة بالزي الرسمي الذي قد يترتب على الالتزام به ضرر صحي في المدن والأرياف الباردة في فصل الشتاء بحكم عدم السماح بإضافة أية ملابس أخرى على الزي الرسمي في الوقت الذي لا يلتزم فيه البرلمانيون قدوة الشعب بالزي الرسمي أثناء الدوام، فأحدهم بالمعوز، والآخر بالبنطال، وثان بالثوب الأبيض أو الملون مع الجنبية أو بدونها، وثالث أو رابع ب “المقطب” وآخر بالفوطة السواحلية في صورة متنافرة تعكس فيما تعكس طرفاً من التخلف والإهمال لذواتنا أولا قبل أي شيء آخر! ثمة شيء في العرف الدبلوماسي اسمه “لغة الجسد” الذي يعتبر المظهر إلى جانب الحركة وإشارة الأطراف أحد أشكال هذه اللغة، ولها تأثير مباشر وغير مباشر على سلوك الفرد من حيث لا يعرف، وعلى ضوئها تقيم شخصية الفرد وحالته ومستوى تفكيره ونمط سلوكه، كما لها تأثير مباشر وغير مباشر أيضا على الطرف الآخر من حيث القابلية أو الرفض، ومن حيث الاستجابة أو التعايش أو غير ذلك.. وللأسف فهذه اللغة “التي تُقرأ بصريا ولا تكتب” لا يجيدها الكثير حتى من الشخصيات الاعتبارية مثلما لا يكاد يعرفها أحد من عامة الناس! أعود بعد هذا الاستطراد إلى الفضائيات الخاصة التي يجب أن تلتفت إلى هذه المسألة، ملفتاً معالي وزير الإعلام إلى أهمية إصدار تعميم أو قرار لهذه الجهات بعدم نشر المقاطع التي تحتوي إساءات للذوق العام في المواد الإعلامية التي ينفذها الزملاء ميدانيا، لئلا نزيد من قتامة الصورة البئيسة في الذهنية الخارجية عن اليمني فلدينا من السوء ما يكفي وزيادة، كما أرى أن يلتزم مقدمو البرامج في مختلف القنوات المرئية بالزي الرسمي كاملاً، وترك الزي التقليدي “الثوب والجنبية” لمجالس القات الذي قتل حياتنا وأوقاتنا ونحن نعدد محاسنه، موهمين أنفسنا بقليل من الإنجازات التي نعوضها بالنوم في اليوم التالي! رابط المقال على الفيس بوك