قريباً نحتفل بالذكرى الثانية للثورة الشبابية الشعبية السلمية التي انطلقت في الحادي عشر من فبراير 2011م,مر عامان على الثورة واليمن تعيش بين مد وجزر وسط تجاذبات سياسية وصراعات حزبية لاعبوها أطراف المعادلة السياسية الى جانب القوى القبلية والعسكرية والدينية والعشائرية في البلد أدت في مجملها إلى خطف الثورة التي قامت على أجساد الشهداء وجراحات الشباب وتطلعات الشعب اليمني كله في غدٍ أفضل مشرق وجميل وبحياة حرة وكريمة في ظل دولة مدنية حديثة تكفل لهم العيش الكريم ويسودها النظام والقانون وحقوق الإنسان في العدالة الاجتماعية والمساواة, ولكن الاصطدام بالواقع الأليم والمخزي لما تلا الثورة من ضم واختطاف لها ولأهدافها والتنكر للشهداء والجرحى الذين رووا بدمائهم الزكية والطاهرة ثورتهم الفتية التي سرقت منهم في لحظة عرفت كيف تستغلها قوى وجماعات دينية كانت جزءاً من نظام الاستبداد والفساد والاقصاء والتهميش المدمر سعت وخططت لهدف قديم جديد وهو الوصول للسلطة بأية طريقة كانت,حتى ولو كان ذلك عبر أشلاء وجماجم وجراحات الشباب, وعندما بلغت هدفها تنكرت لمن أوصلها إلى ذلك, وأدارت لهم ظهرها ضاربة بكل القيم والأخلاق عرض الحائط غير آسفة, فهم مجرد بيادق شطرنج لعبت بهم وأزاحتهم عن الطريق, وهذه هي أصول اللعبة,وهذه هي السياسية, وللوصول للقمة عليك أن لا تنظر للخلف ولا على من تدوس قدمك, وهذا مبدأ كان غائباً على شباب الساحات الذين ليس لديهم خبرة في الجانب القذر للسياسة, فهاهم اليوم يتجرعون نتائج تلك الغلطة والهفوة التي ارتكبوها لا أقصد هنا قيامهم بالثورة بل بالثقة التي منحوها لمن قالوا إنهم سند لهم, هذا الذي سرق ليس فقط دماءهم وأرواحهم بل حُلمهم بالعيش الكريم والدولة المدنية الحديثة وكل ما كانوا يتطلعون إليه ومعهم الشعب اليمني الناشد للتغيير والطامح بيمن خال من الفساد والطائفية المناطقية والقبلية والجهوية والعشائرية والتطرف الديني والإرهاب, لتغدو اليوم السمة السائدة هي تسابق تلك القوى السياسية والدينية والعشائرية التي لهفت الثورة للسيطرة والهيمنة على مرافق وأجهزة الدولة وتقاسم مؤسساتها ومرافقها وأجهزتها ومحاصصة الوظيفة العامة، معيدين بذلك مساوئ النهج الذي مارسه نظام أطاح به من هم اليوم يستجدون قيمة العلاج لمداواة جراحهم التي لم تندمل بعد, وأُسر فقدت فلذات أكبادها وربما المُعيل الوحيد لها لتعيش الأسى والحزن على شهيدها الذي لم تنصفه وتكرمه الثورة , هاهم اليوم جرحى الثورة معتصمون ومضربون على الطعام أمام مجلس الوزراء منذ عدة أيام مطالبين بتسفيرهم للعلاج في الخارج بصورة عاجلة, لكن الموت أسرع من حكومتنا الموقرة لأنهم يسقطون أمواتاً الواحد تلو الآخر ليلحقوا بزملائهم الشهداء, لأن جرحى الثورة اليمنية السلمية في زاوية الإهمال الحكومي بالرغم من أن جراح وجماجم هؤلاء الشباب هي من أوصلت هذه الحكومة وتلك القوى المحسوبة على الثورة إلى ما هم عليه اليوم من نفوذ وعز ثمرة استيلائهم على السلطة والثورة من قبل، أم إن هناك انتقاء وتمييزاً بين شهداء وجرحى الثورة الشبابية الشعبية,عامان على الثورة ولم تعالج جرحاها وتعوض أسر شهدائها,فكيف بها معالجة جراح وطن ينزف منذ عقود بحثاً عن دولة تجعل منه يتسع لكل أبنائه.. عجبي على ثورة يلجأ جرحاها للقضاء ليصدر حكماً بمعالجتهم,ومع ذلك يرفض من أصبحوا في الجهات المختصة على حساب تضحياتهم أن يؤدى هذا الواجب البسيط تجاههم, فهل أدركتم ياشباب الثورة وشهداءها وجرحاها أن تعاقبوا على انتصاركم لشعبكم ومستقبلكم وان التغيير الذي تريدونه لن يتحقق إلاَّ بوعيكم وإدراككم لضرورة انبثاق قيادة وطنية حقيقية من أوساطكم,لاسيما بعد أن عرفتم حقيقة الأحزاب والقوى السياسية التي سلمتموها زمام قيادتكم, ها أنتم قد عرفتموهم فما أنتم فاعلون بعد عامين من الثورة؟!, في الأخير كل عام والجميع بألف خير , والشهداء الذين هم عند ربهم يرزقون نقول لهم لن ننساكم أبداً مهما حيينا ولن نحيد عن تلك المبادئ التي استشهدتم من اجلها, والجرحى المعتصمون والمضربون عن الطعام الصامدون نقول لن ترق قلوب مصاصي الدماء وسارقي الثورة لكم فهؤلاء لا ينتظر منهم نيل الحقوق بالاستجداء بل تنتزع..وما قمتم به يجب أن ينتهي بتحقيق مطالبكم العادلة , وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا نرجو من الله الرحمة والمغفرة لشهداء ثورة 11فبراير وأن يبعثهم مع الصديقين والصالحين ولجرحاها الشفاء العاجل إنه سميع مجيب..!! رابط المقال على الفيس بوك