ثقافة الجمال وفن الحياة هي العنوان الأبرز الذي يمكن للإنسان أن يضعه للإمارات بعد أن يعود من زيارة بعض البلدان وخصوصاً المجاورة .القيادة الإماراتية متميزة وصبغت الشعب وكل من يقيم على هذه الأرض بصبغة التميز في كل شيء . حالما تمر في شوارع دبي مثلاً تدرك أن كل شيء مبني وفق رؤية حضارية متكاملة تراعي أدق التفاصيل في كل صغيرة وكبيرة لتنتج في النهاية لوحة جمالية فريدة ومتميزة ، التناسق والتناغم سمتها الأبرز ،بدءاً من أرضيات الشوارع والحواجز والأزهار التي تزينها مروراً بألوان الجسور والتقاطعات فاللوحات الإعلانية التي تروج للمنتجات بفن وتناسق لا يشوه المنظر العام للمدينة وانتهاء بالمباني وتناسق ألوانها وتناغم أشكالها ، لتصنع في نهاية المطاف لوحة تتناغم جميع أجزائها وتتكامل بشكل بديع. يدرك الإنسان الزائر للإمارات أو المقيم فيها أن القضية ليست مرتبطة بالمال والثروة بقدر ماهي مرتبطة بالرؤية الحضارية لمعنى الحياة والإدراك الدقيق لمفهوم عمارة الأرض ،ولذلك تجد الإمارات بلداً نادراً لا مثيل له بل ويصعب أن يلحق به أي بلد خصوصاً من بلداننا العربية . بعض الدول العربية تملك من الثروات أضعاف أضعاف ما تملكه الإمارات وتنفق أضعاف ما تنفقه الإمارات على بناها التحتية وشوارعها ومع ذلك تجد مدن تلك البلدان متخلفة مشوهة لا تسر ناظراً ولا تسعده بل تصيبه بالكآبة حيثما توجه . شوارع مكسرة وبنايات متفحمة وكتل إسمنتية ليس فيها أي ملمس جمالي ، لا تخطيط ولا نظافة ، ولا قانون ولا التزام وكأن تلك البلدان تعيش خارج الزمن والعصر رغم ثرائها الفاحش. القضية اذاً ليست قضية أموال بقدر ماهي قضية حكمة ورؤية لكيفية إدارة هذا المال وتسخيره وفق منظور حضاري يخدم تلك الرؤية فيؤثر في الإنسان ونفسيته فيتحول من شخص فوضوي إلى إنسان ملتزم محب للحياة مدرك لمعنى العيش بجمال. ما قيمة الثروة إذا كانت شوارعك وسخة وما قيمة البناء إذا كانت رؤيته تصيبك بالكآبة وما قيمة الثروة إن كانت لا تستطيع أن تمنحك مدينة نظيفة ، وماقيمة أن تعيش في قصر تحيطه مبانٍ متهالكة وتلفه أكوام القمامة .. هناك عناوين رئيسية أولية للبلدان تبدأ بالمطارات وتنتهي بسيارات الأجرة ووسائل النقل العام وبمجرد مرورك في بعض البلدان المجاورة تدرك ان الإمارات تنتمي إلى عصر آخر غير العصر الذي تعيشه تلك البلدان وأن أمام تلك الدول مشوار طويل لتصل إلى ما وصلت إليه الإمارات من رقي ولن تصل حتى لو ظلت تسير قروناً ومالم تغير منهجية السير ومرتكزاته فإنها ستظل تسير في نفس الخط الذي لن يوصلها إلا إلى مزيد من القبح والتخلف . لذلك تجد ابن تلك البلدان أو المقيم فيها يكون فرحاً مسروراً وهو يغادرها في إجازة ولا يعود إليها إلا مكرهاً ... بينما لا يطيق كل مقيم في الإمارات البعد عنها ويحمد الله ويشكره كثيراً بمجرد أن يعود إليها من سفره. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك